الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      1848 حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم حدثنا يزيد بن أبي زياد حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما يقتل المحرم قال الحية والعقرب والفويسقة ويرمي الغراب ولا يقتله والكلب العقور والحدأة والسبع العادي

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( والفويسقة ) : تصغير فاسقة لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها . وأصل الفسق هو الخروج ، ومن هذا سمي الخارج عن الطاعة فاسقا ، ويقال : فسقت الرطبة عن قشرها إذا خرجت عنه ، قاله الخطابي . ( ويرمي الغراب ولا يقتله ) : قال الخطابي : يشبه أن يكون المراد به الغراب الصغير الذي يأكل الحب ، وهو الذي استثناه مالك من جملة الغربان . وأيضا قال : اختلف أهل العلم فيما يقتله المحرم من الدواب ، فقال الشافعي : إذا قتل المحرم شيئا من هذه الأعيان المذكورة في هذه الأخبار فلا شيء عليه ، وقاس عليها كل سبع ضار ، وكل شيء من الحيوان لا يؤكل لحمه ؛ لأن بعض هذه الأعيان سباع ضارية وبعضها هوام قاتلة ، وبعضها طير لا يدخل في معنى السباع ، ولا هي من جملة الهوام ، وإنما هو حيوان مستخبث اللحم غير مستطاب الأكل ، وتحريم الأكل يجمعهن كلهن ، فاعتبره وجعله دليل الحكم ، وقال مالك نحوا من قول الشافعي ، إلا أنه قال : لا يقتل المحرم الغراب الصغير ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : يقتل الكلب وسائر ما جاء في الخبر وقاسوا عليه الذئب ، ولم يجعلوا على قاتله فدية ، وقالوا في السبع والنمر والفهد والخنزير عليه الجزاء إن قتلها ، إلا أن يكون قد ابتدأه المحرم فعليه قيمته إلا أن يكون قيمته أكثر من دم ، فعليه دم ولا يجاوزه ، انتهى كلام الخطابي مختصرا . ( والسبع العادي ) : أي الظالم الذي يفترس الناس ويعقر ، فكل ما كان هذا الفعل نعتا له من أسد ونمر وفهد ونحوها ، فحكمه هذا الحكم وليس على [ ص: 236 ] قاتلها فدية ، والله أعلم .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي وابن ماجه . وقال الترمذي : حديث حسن ، هذا آخر كلامه . وفي إسناده يزيد بن أبي زياد ، وقد تقدم الكلام عليه .




                                                                      الخدمات العلمية