الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ومن نوى تبردا ) أو تنظفا ( مع نية معتبرة ) مما مر ( جاز ) له ذلك أي لم يضره في نيته المعتبرة ( في الصحيح ) لحصوله ، وإن لم ينو فلا تشريك فيه لكن من حيث الصحة بخلافه من حيث الثواب ومن ثم اختلفوا في حصوله والأوجه كما بينته بأدلته الواضحة في حاشية الإيضاح وغيرها إن قصد العبادة يثاب عليه بقدره ، وإن انضم له غيره مما عدا الرياء ونحوه مساويا أو راجحا وخرج بمع طروها بعد النية المعتبرة فيبطلها ما لم يكن [ ص: 197 ] ذاكرا لها ؛ لأنها حينئذ تعد قاطعة لها فيجب إعادة ما غسله للتبريد بنية رفع الحدث كما في المجموع وغيره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ومن نوى تبردا مع نية معتبرة جاز في الصحيح ) .

                                                                                                                              ( فرع )

                                                                                                                              لو أدخل يده الماء القليل بعد غسل الوجه قاصدا رفع الحدث ونية الاغتراف فهل يغلب فيه نية رفع الحدث فيرتفع حدث يده أو نية الاغتراف فلا يرتفع فيه نظر ولا يبعد عدم الارتفاع ؛ لأن نية الاغتراف معارضة لنية رفع الحدث ومنافية لها فلم تؤثر وقد يقال نية رفع الحدث ونية الاغتراف تعارضتا فتساقطا وتبقى النية السابقة عند غسل الوجه سالمة عن المعارض فيرتفع حدث اليد بمقتضاها ، ويرد على هذا أن نية الاغتراف معارضة للنية السابقة أيضا ولهذا لو خلت عن مقارنة نية رفع الحدث منعت رفع حدث اليد مع سبق النية السابقة فليتأمل ( قوله : مساويا أو راجحا ) في شرح م ر والمعتمد كما قاله الغزالي اعتبار الباعث ، فإن كان الأغلب باعث الآخرة أثيب وإلا فلا ( قوله فيبطلها ما لم يكن ذاكرا لها ) وهذا بخلاف نية الاغتراف فإنها [ ص: 197 ] لا تقطع حكم النية السابقة إذا عزبت كما رجحه الجلال البلقيني ؛ لأنها لمصلحة الطهارة إذ تصون ماءها عن الاستعمال ؛ ولأنهما لا يردان على محل واحد بخلاف نية نحو التبرد فإنها غسل الأعضاء بنية فوردت هي وغسل الأعضاء لرفع الحدث على محل واحد فجاء التنافي ؛ ولأن نية الاغتراف مستلزمة لتذكر نية رفع الحدث عند وجودها انتهى وقوله مستلزمة إلخ لعله باعتبار الغالب وإلا فيمكن أن يقصد إخراج الماء ليتطهر به خارج الإناء من غير أن يلاحظ نيته السابقة ولا أنه طهر وجهه ولا أراد تطهير خصوص يده بهذا الماء الذي أخرجه فقد تصورت نية الاغتراف مع الغفلة عن النية وقضية التعليل بمصلحة الطهارة أن نية الاغتراف حيث لا يحتاج إليها مع الغفلة عن النية تقطعها وليس بعيدا فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ومن نوى ) أي بوضوئه نهاية ( قوله : أو تنظفا ) إلى قول المتن أو ما يندب في النهاية والمغني إلا قوله والأوجه إلى وخرج قول المتن ( مع نية معتبرة ) أي مستحضرا عند نية التبرد ونحوه نية الوضوء مغني ونهاية ( قوله لحصوله إلخ ) أي كما لو نوى الصلاة ودفع الغريم فإنها تصح ؛ لأن دفع الغريم حاصل ، وإن لم ينوه مغني وشيخنا ( قوله : فلا تشريك إلخ ) أي بين قربة وغيرها مغني ( قوله : لكن من حيث إلخ ) استدراك على قوله أي لم يضره إلخ .

                                                                                                                              ( قوله : والأوجه إلخ ) والمعتمد كما قاله الغزالي اعتبار الباعث ، فإن كان الأغلب باعث الآخرة أثيب وإلا أي بأن كان الأغلب باعث الدنيا أو استويا فلا نهاية وشيخنا وظاهر المغني اعتماده أيضا ( قوله مما عدا الرياء ) وأما الرياء فيسقط الثواب مطلقا كما يأتي في باب صلاة النفل وقوله ونحوه أي كالعجب وقوله مساويا إلخ تفصيل لما عدا إلخ كردي والأولى للغير ( قوله بمع ) أي إلى آخره ( طروها ) أي نية التبرد ونحوه مغني ( قوله فتبطلها إلخ ) ولا يقطع نية الاغتراف حكم النية السابقة ، وإن [ ص: 197 ] عزبت ؛ لأنها لمصلحة الطهارة لصونها ماءها عن الاستعمال شرح بافضل قال سم وقضية التعليل بمصلحة الطهارة أن نية الاغتراف حيث لا يحتاج إليها مع الغفلة عن النية تقطعها وليس بعيدا سم عبارة النهاية وهل نية الاغتراف كنية التبرد في كونها تقطع حكم ما قبلها أولا والمعتمد كما رجحه البلقيني عدم قطعها لكونها لمصلحة الطهارة إذ تصون ماءها عن الاستعمال لا سيما ونية الاغتراف مستلزمة تذكر نية رفع الحدث عند وجودها بخلاف نية التنظيف ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله : م ر ونية الاغتراف مستلزمة إلخ قال سم على حج لعله باعتبار الغالب وإلا فيمكن أن يقصد إخراج الماء ليتطهر به خارج الإناء من غير أن يلاحظ نيته السابقة ولا أنه طهر وجهه ولا أراد تطهير خصوص يده بهذا الماء الذي أخرجه فقد تصورت نية الاغتراف مع الغفلة عن النية انتهى وقد يمنع أن تكون هذه نية الاغتراف إذ حقيقتها الشرعية إخراج الماء خارج الإناء بقصد التطهير لما بقي من أعضائه كما ذكره حج في الإيعاب وعليه فهي مستلزمة لها دائما لا غالبا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فيجب إعادة إلخ ) أي دون استئناف طهارته نهاية ومغني ( قوله : بنية رفع الحدث ) أي أو نحوه والباء متعلق بالإعادة




                                                                                                                              الخدمات العلمية