الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته قال مالك في العبد يبتاع نفسه من سيده على أنه يوالي من شاء إن ذلك لا يجوز وإنما الولاء لمن أعتق ولو أن رجلا أذن لمولاه أن يوالي من شاء ما جاز ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الولاء لمن أعتق ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته فإذا جاز لسيده أن يشترط ذلك له وأن يأذن له أن يوالي من شاء فتلك الهبة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1522 1474 - ( مالك ، عن عبد الله بن دينار ) العدوي مولاهم المدني ( عن عبد الله بن عمر أن [ ص: 163 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء ) بفتح الواو ممدود وأصله من الولي ؛ وأما من الإمارة فالولاء بكسر الواو ، وقيل فيهما بالوجهين ، ويطلق على معان والمراد به هنا ولاء الإنعام بالعتق .

                                                                                                          ( وعن هبته ) أي الولاء ، وكانوا في الجاهلية ينقلون الولاء بالبيع وغيره فنهي عن ذلك ، وهذا الحديث من أفراد ابن دينار ، واحتاج الناس فيه إليه كما قال أبو عمر وغيره حتى قال مسلم : الناس كلهم عيال على عبد الله بن دينار في هذا الحديث ، وأخرجه عنه من طرق سبعة في صحيحه ، وأورده غيره عن خمسة وثلاثين حدثوا به عنه . قال ابن عبد البر : ورواه ابن الماجشون عن مالك عن نافع عن ابن عمر وهو خطأ لم يتابع عليه ، والصواب عبد الله بن دينار ، ورواه محمد بن سليمان عن مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر عن عمر مرفوعا ، ولم يتابعه أحد ، وجميع الأئمة لم يذكروا عمر ، انتهى .

                                                                                                          وأخرج أبو يعلى ، وابن حبان عن ابن دينار عن ابن عمر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب " . قال الأبي : هذا منه صلى الله عليه وسلم تعريف لحقيقة الولاء شرعا ، ولا تجد تعريفا أتم منه ، والمعنى أن بين المعتق والعتيق نسبة تشبه نسبة النسب وليست به ، ووجه الشبه أن العبد لما فيه من الرق كالمعدوم في نفسه والمعتق صيره موجودا ، كما أن الولد كان معدوما فتسبب الأب في وجوده ، انتهى . وأصله قول ابن العربي : معنى " الولاء لحمة كلحمة النسب " أن الله أخرجه بالحرية إلى النسب حكما كما أن الأب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسا ; لأن العبد كان كالمعدوم في حق الأحكام لا يقضي ولا يلي ولا يشهد ، فأخرجه سيده بالحرية إلى وجود هذه الأحكام من عدمها ، فلما شابه حكم النسب أنيط بالعتق فلذا جاء : إنما الولاء لمن أعتق وألحق برتبة النسب ، فنهى عن بيعه وعن هبته ، وأجاز بعض السلف نقله ولعله لم يبلغهم الحديث .

                                                                                                          ( قال مالك في العبد يبتاع نفسه من سيده على أنه يوالي من شاء : أن ذلك لا يجوز ) لا يصح ( وإنما الولاء لمن أعتق ) بنص الحديث ، وبهذا قال الأكثر ، وقيل لا ولاء عليه . ( ولو أن رجلا أذن لمولاه ) عتيقه ( أن يوالي من شاء ما جاز ذلك ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الولاء لمن أعتق ) هكذا ورد أيضا بدون إنما عند أحمد ، والطبراني والخطيب من حديث ابن عباس . ( ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء ) بالفتح والمد ، حق ميراث المعتق من [ ص: 164 ] العتيق ( وعن هبته ، فإذا جاز لسيده أن يشترط ذلك ) أي الولاء ( له ) أي للعبد ( أو يأذن له أن يوالي من شاء فتلك الهبة ) المنهي عنها ، فلذا لا يجوز .




                                                                                                          الخدمات العلمية