الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        100 - الحديث الثالث : { عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور } [ ص: 269 ] الحديث الرابع : عن البراء بن عازب رضي الله عنهما { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر ، فصلى العشاء الآخرة ، فقرأ في إحدى الركعتين بالتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه } .

                                        التالي السابق


                                        " جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف قرشي نوفلي يكنى أبا محمد ويقال أبو عدي . كان من حكماء قريش وساداتهم ، وكان يؤخذ عنه النسب . أسلم فيما قيل : يوم الفتح ، وقيل : عام خيبر . ومات بالمدينة سنة سبع وخمسين ، وقيل : سنة تسع وخمسين . وحديثه وحديث البراء الذي بعده يتعلقان بكيفية القراءة في الصلاة . وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أفعال مختلفة في الطول والقصر ، وصنف فيها بعض الحفاظ كتابا مفردا . والذي اختاره الشافعية التطويل : في قراءة الصبح والظهر ، والتقصير في المغرب ، والتوسط في العصر والعشاء ، وغيرهم يوافق في الصبح والمغرب ، ويخالف في الظهر والعصر والعشاء . واستمر العمل من الناس على التطويل في الصبح ، والقصر في المغرب ، وما ورد على خلاف ذلك من الأحاديث ، فإن ظهرت له علة في المخالفة فقد يحمل على تلك العلة ، كما في حديث البراء بن عازب المذكور ، فإنه ذكر " أنه في السفر " فمن يختار أوساط المفصل لصلاة العشاء الآخرة : يحمل ذلك على أن السفر مناسب للتخفيف ، لاشتغال المسافر وتعبه . والصحيح عندنا : أن ما صح في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مما لم يكثر مواظبته عليه ، فهو جائز من غير كراهة ، كحديث جبير بن مطعم في قراءة الطور في المغرب " وكحديث قراءة " الأعراف " فيها . وما صحت المواظبة عليه ، فهو في درجة الرجحان في الاستحباب إلا أن غيره مما قرأه النبي صلى الله عليه وسلم غير مكروه . وقد تقدم الفرق بين كون [ ص: 270 ] الشيء مستحبا وبين كون تركه مكروها . وحديث جبير بن مطعم المتقدم مما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم قبل إسلامه ، لما قدم في فداء الأسارى . وهذا النوع من الأحاديث قليل - أعني : التحمل قبل الإسلام والأداء بعده .




                                        الخدمات العلمية