الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ميراث الولاء

                                                                                                          حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه أنه أخبره أن العاصي بن هشام هلك وترك بنين له ثلاثة اثنان لأم ورجل لعلة فهلك أحد اللذين لأم وترك مالا وموالي فورثه أخوه لأبيه وأمه ماله وولاءه مواليه ثم هلك الذي ورث المال وولاء الموالي وترك ابنه وأخاه لأبيه فقال ابنه قد أحرزت ما كان أبي أحرز من المال وولاء الموالي وقال أخوه ليس كذلك إنما أحرزت المال وأما ولاء الموالي فلا أرأيت لو هلك أخي اليوم ألست أرثه أنا فاختصما إلى عثمان بن عفان فقضى لأخيه بولاء الموالي

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          12 - باب ميراث الولاء

                                                                                                          1524 1477 - ( مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ) بفتح العين ( ابن حزم ) الأنصاري ( عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ) القرشي المخزومي ، تابعي صغير ( عن أبيه ) أبي بكر أحد الفقهاء ( أن العاصي بن هشام ) أخا الحارث ( هلك ) قتل يوم بدر كافرا ( وترك بنين له ثلاثة اثنان لأم ) أي شقيقان ( ورجل لعلة ) بفتح العين واللام الثقيلة ، أي امرأة أخرى ، والجمع علات إذا كان الأب واحدا والأمهات شتى ، قيل : مأخوذ من العلل وهو الشرب بعد الشرب ; لأن الأب لما تزوج امرأة بعد أخرى صار [ ص: 167 ] كأنه شرب مرة بعد أخرى ، قال الشاعر :


                                                                                                          أفي الولائم أولاد لواحدة وفي العيادة أولاد لعلات



                                                                                                          ( فهلك أحد اللذين لأم وترك مالا وموالي فورثه أخوه لأبيه وأمه ماله وولاء مواليه ) بالنصب بدل من ضمير ورثه ( ثم هلك الذي ورث المال وولاء الموالي وترك ابنه وأخاه ) لأبيه ( فقال : ابنه قد أحرزت ) ضممت وملكت ( ما كان أبي أحرز من المال وولاء الموالي ، فقال أخوه ) أخو الميت ، وهو عم المنازع ( ليس كذلك إنما أحرزت المال ، وأما ولاء الموالي فلا ، أرأيت ) أي أخبرني ( لو هلك أخي ) الأول الذي ورث أبوك منه المال والولاء ( اليوم بعد موت شقيقه ) الذي هو أبوك ( ألست أرثه أنا ؟ ) دونك ; لأن الأخ للأب مقدم على ابن الأخ الشقيق ( فاختصما إلى عثمان بن عفان ، فقضى عثمان لأخيه بولاء الموالي ) دون ابنه ، وفي هذه القصة إشكال لأن العاصي قتل يوم بدر كافرا فكيف يموت في زمان عثمان ويتحاكم إليه في إرثه ؟ والذي يرفع الإشكال أن يكون التحاكم في الإرث تأخر إلى زمن عثمان ، لكن من يقتل يوم بدر كافرا لا يتحاكم في إرثه إلى عثمان في خلافته ، ثم وجدت أن الذي تحاكم إلى عثمان ولد العاصي بن هشام ، فيحتمل أنه سعيد الذي ذكره ابن أبي حاتم ، كذا قال الحافظ : تعجيل المنفعة وسهوه ظاهر فإنه لم يتخاصم في إرث العاصي ، وإنما ذكر في صدر الخبر لبيان أنه خلف شقيقين وواحدا لأم أخرى ، والذي تخاصم إلى عثمان إنما هو ابن العاصي وابن ابنه الذي مات أبوه قبل ذلك ، وقد كان ورث شقيقه ماله وولاء مواليه لموته بلا ولد فاختصما في ولاء مواليه دون إرثه لا ذكر لميراث العاصي أصلا فلا إشكال .




                                                                                                          الخدمات العلمية