الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء فيمن خرج في الغزو وترك أبويه

                                                                                                          1671 حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان وشعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال ألك والدان قال نعم قال ففيهما فجاهد قال أبو عيسى وفي الباب عن ابن عباس وهذا حديث حسن صحيح وأبو العباس هو الشاعر الأعمى المكي واسمه السائب بن فروخ

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( جاء رجل ) قال الحافظ : يحتمل أن يكون هو جاهمة بن العباس بن مرداس ، فقد روى النسائي وأحمد من طريق معاوية بن جاهمة أن جاهمة جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أردت الغزو وجئت لأستشيرك ، فقال : " هل لك من أم " ، قال : نعم ، قال : " الزمها " الحديث . ورواه البيهقي من طريق ابن جريج عن محمد بن طلحة بن ركانة عن معاوية بن جاهمة السلمي [ ص: 257 ] عن أبيه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستأذنه في الجهاد فذكره انتهى ( قال ففيهما ) أي ففي خدمتهما ( فجاهد ) وفي رواية : فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما . قال الطيبي : فيهما متعلق بالأمر قدم للاختصاص والفاء الأولى جزاء شرط محذوف والثانية جزائية لتضمن الكلام معنى الشرط أي إذا كان الأمر كما قلت فاختص المجاهدة في خدمة الوالدين نحو قوله تعالى : فإياي فاعبدون أي إذا لم يخلصوا إلي العبادة في أرض فأخلصوها في غيرها . فحذف الشرط وعوض منه تقديم المفعول المفيد للاختصاص ضمنا ، وقوله فجاهد جيء به مشاكلة ، يعني حيث قال فجاهد في موضع فاخدمهما ; لأن الكلام في الجهاد ، ويمكن أن يكون الجهاد بالمعنى الأعم الشامل للأكبر والأصغر . قال تعالى : والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا انتهى . وقال العيني في العمدة قوله : " ففيهما فجاهد " ، أي ففي الوالدين فجاهد ، الجار والمجرور متعلق بمقدر وهو جاهد ، ولفظ جاهد المذكور مفسر له لأن ما بعد الفاء الجزائية لا يعمل فيما قبلها ، ومعناه خصصهما بالجهاد ، وهذا كلام ليس ظاهره مرادا ; لأن ظاهر الجهاد إيصال الضرر للغير ، وإنما المراد إيصال القدر المشترك من كلفة الجهاد وهو بذل المال وتعب البدن فيئول المعنى إلى ابذل مالك وأتعب بدنك في رضا والديك انتهى . وقال في شرح السنة : هذا في جهاد التطوع لا يخرج إلا بإذن الوالدين إذا كانا مسلمين ، فإن كان الجهاد فرضا متعينا فلا حاجة إلى إذنهما وإن منعاه عصاهما وخرج ، وإن كانا كافرين فيخرج بدون إذنهما فرضا كان الجهاد أو تطوعا ، وكذلك لا يخرج إلى شيء من التطوعات كالحج والعمرة والزيارة ولا يصوم التطوع إذا كره الوالدان المسلمان أو أحدهما إلا بإذنهما انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن ابن عباس ) لينظر من أخرجه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي ( واسمه السائب بن فروخ ) ثقة من الثالثة .




                                                                                                          الخدمات العلمية