الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا حلف ليفعلن كذا ، ولم يوقت لذلك وقتا فهو على يمينه حتى يهلك ذلك الشيء الذي حلف عليه ، فيلزمه الكفارة حينئذ . واعلم أن اليمين ثلاثة أنواع : مؤبدة لفظا ومعنى بأن يقول : والله لا أفعل كذا أبدا ، أو يقول : لا أفعل مطلقا والمطلق فيما يتأبد يقتضي التأييد كالبيع ، ومؤقتة لفظا ومعنى بأن يقول : لا أفعل كذا اليوم ، فيتوقت اليمين بذلك الوقت ; لأن موجبه الحظر أو الإيجاب ، وذلك يحتمل التوقيت فيتوقت بتوقيته ، ومؤبد لفظا مؤقت معنى كيمين الفور إذا قال : تعال تغد معي . فقال : والله لا أتغدى يتوقت يمينه بذلك الغداء المدعو إليه ، وهذا النوع من اليمين سبق به أبو حنيفة رحمه الله تعالى ، ولم يسبق به ، وأخذه من حديث جابر بن عبد الله وابنه حين دعيا إلى نصرة إنسان ، فحلفا أن لا ينصراه ، ثم نصراه بعد ذلك ، ولم يحنثا وبناه على ما عرف من مقصود الحالف وهو الأصل في الشرع أن يبتني الكلام على ما هو معلوم من مقصود المتكلم ، قال الله تعالى {واستفزز من استطعت منهم بصوتك } ، والمراد الإمكان والإقدار لاستحالة الأمر بالشرك والمعصية من الله تعالى ثم الكفارة لا تجب إلا بعد فوات البر في اليمين المطلقة ، وإنما يفوت البر بهلاك ذلك الشيء الذي حلف عليه ، أو بموت الحالف ، وأما في اليمين المؤقتة ففوت البر بمضي الوقت مع بقاء ذلك الشيء الذي حلف عليه ، ومع بقاء الحالف ، وأما إذا كان الحالف قد مات قبل مضي ذلك الوقت لا تجب الكفارة ، وإذا هلك ذلك الشيء ففيه اختلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهم الله تعالى نبينه في موضعه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية