الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أم حسب الذين اجترحوا السيئات [21]

                                                                                                                                                                                                                                        "الذين" في موضع رفع بحسب ( أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات ) [أن وصلتها بمعنى المفعولين ، والهاء والميم في موضع نصب مفعول أول لنجعلهم ، ( كالذين آمنوا وعملوا الصالحات )] في موضع المفعول الثاني ( سواء محياهم ومماتهم ) مبتدأ وخبره . هذه قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم ، وقرأ الأعمش وحمزة والكسائي ( سواء محياهم ومماتهم ) بنصب سواء . قال أبو عبيد : وكذلك يقرؤها نصبا بوقوع "نجعلهم" عليها . قال أبو إسحاق : وأجاز بعض النحويين ( سواء محياهم ومماتهم) وقد قرئ به . قال أبو جعفر : القراءة الأولى ( سواء محياهم [ ص: 146 ] ومماتهم) هي التي اجتمعت عليها الحجة من الصحابة والتابعين والنحويين ، كما قرئ على إبراهيم بن موسى عن إسماعيل بن إسحاق عن مسدد عن يحيى عن عبد الملك عن قيس عن مجاهد في قوله جل وعز ( سواء محياهم ومماتهم ) قال : المؤمن يموت على إيمانه ويبعث عليه ، والكافر يموت على كفره ويبعث عليه . وعن أبي الدرداء قال : يبعث الناس على ما ماتوا عليه ونحو هذا عن تميم وحذيفة فاجتمعت الحجة على أنه لا يجوز القراءة إلا بالرفع ، وأن من نصب فقد خرج من هذه التأويلات و"سواء" مرفوع بالابتداء على هذا لا وجه لنصبه لأن المعنى أن المؤمنين مستوون في محياهم ومماتهم ، والكافرون مستوون في محياهم ومماتهم ثم يرجع إلى النصب فهو يكون من غير هذه الجهة وذلك من وجيه ذكره الأخفش سعيد ، قال : يكون المعنى أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعل محياهم ومماتهم مستويا كمحيا المؤمنين ومماتهم . فعلى هذا الوجه [يجوز النصب ، وعلى هذا الوجه] الاختيار عند الخليل وسيبويه رحمهما الله الرفع أيضا ، ومسائل النحويين جميعا على الرفع كلهم . تقول : ظننت زيدا سواء أبوه وأمه ، ويجيزون النصب ومسائلهم على الرفع . وأعجب ما في هذا إذا كانت مسائل النحويين كذا فكيف قرأ به الكسائي واختاره أبو عبيد ؟ فأما القراءة بالنصب "سواء محياهم ومماتهم" ففيها وجهان . قال الفراء : المعنى في محياهم وفي مماتهم ثم حذفت "في" يذهب إلى أنه منصوب على الوقت ، والوجه الآخر أن يكون "محياهم ومماتهم" بدلا من الهاء والميم التي في "نجعلهم" بمعنى أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعل [ ص: 147 ] محياهم ومماتهم سواء كالذين آمنوا وعملوا الصالحات أي كمحيا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ومماتهم . ( ساء ما يحكمون ) إن جعلت ما معرفة فموضعها رفع وإن جعلتها نكرة فموضعها نصب على البيان .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية