الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 158 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      سورة الفلق

                                                                                                                                                                                                                                      قيل : إنه لما صرح تعالى بخالص التوحيد في سورة الإخلاص ، وهي معركة الإيمان والشرك ، ومثار الخلاف والخصومة بين النبي صلى الله عليه وسلم وأعدائه ، أمر صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ من شرور الخلق فلا يضروه . إلخ .

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قل أعوذ برب الفلق

                                                                                                                                                                                                                                      . قال أبو حيان وغيره : الفلق فعل بمعنى مفعول أي مفلوق ، واختلف في المراد بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      فقيل : إنه الصبح يتفلق عنه الليل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : الحس والنوى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : هو جب في جهنم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض المفسرين : كل ما فلقه الله عن غيره ، كالليل عن الصبح ، والحب والنوى عن النبت ، والأرض عن النبات ، والجبال عن العون ، والأرحام عن الأولاد ، والسحاب عن المطر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن جرير : إن الله أطلق ولم يقيد ، فتطلق كذلك كما أطلق .

                                                                                                                                                                                                                                      والذي يظهر أن كل الأقوال ما عدا القول بأنه جب في جهنم من قبيل اختلاف التنوع ، وأنها كلها محتملة ، قال ابن جرير على الإطلاق .

                                                                                                                                                                                                                                      أما القول بأنه جب في جهنم ، فلم يثبت فيه نص ، وليست فيه أية مشاهدة يحال عليها للدلالة على قدرة الله تعالى ، كما في الأشياء الأخرى المشاهدة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 159 ] والذي يشهد له القرآن هو الأول ، كما جاء النص الصريح في الصبح والحب والنوى ، كقوله تعالى : إن الله فالق الحب والنوى يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي ذلكم الله فأنى تؤفكون فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم [ 6 \ 95 - 96 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وكلها آيات دالة على قدرة الله ، وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي ، وأنه صلى الله عليه وسلم ما كان يرى رؤيا ، إلا جاءت كفلق الصبح .

                                                                                                                                                                                                                                      والفلق : بمعنى الصبح معروف في كلام العرب .

                                                                                                                                                                                                                                      وعليه قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      يا ليلة لم أنمها بت مرتقبا أرعى النجوم إلى أن قدر الفلق



                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر مثله وفيه : إلى أن نور الفلق بدل قدر ، والواقع أنه في قوة الإقسام برب الكون كله يتفلق بعضه عن بعض .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية