الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : والذين يتوفون الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج البخاري , والبيهقي , في " سننه " عن ابن الزبير قال : قلت لعثمان بن عفان : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا . قد نسختها الآية الأخرى , فلم تكتبها , أو تدعها؟ قال : يا ابن أخي , لا أغير شيئا منه من مكانه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم , من طريق عطاء , عن ابن عباس في قوله : والذين يتوفون منكم الآية . قال : كان للمتوفى عنها زوجها نفقتها وسكناها في الدار سنة , فنسختها آية المواريث , فجعل لهن الربع والثمن مما ترك الزوج .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن عطاء في الآية قال : كان ميراث المرأة من زوجها أن تسكن إن شاءت من يوم يموت زوجها إلى الحول , يقول : فإن خرجن فلا جناح عليكم . ثم نسخها ما فرض الله من الميراث .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود , والنسائي , والبيهقي , من طريق عكرمة , عن ابن عباس [ ص: 111 ] في قوله : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج . قال : نسخ الله ذلك بآية الميراث بما فرض الله لهن من الربع والثمن , ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر , والبيهقي , من طريق ابن سيرين , عن ابن عباس ، أنه قام يخطب الناس , فقرأ لهم سورة " البقرة " , فبين لهم منها , فأتى على هذه الآية : إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين . فقال : نسخت هذه . ثم قرأ حتى أتى على هذه الآية : والذين يتوفون منكم . إلى قوله : غير إخراج . فقال : وهذه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الشافعي , وعبد الرزاق ، عن جابر بن عبد الله قال : ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة , حسبها الميراث .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو داود في " ناسخه " والنسائي , عن عكرمة في قوله : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول . قال : نسخها : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 112 ] وأخرج ابن الأنباري في " المصاحف " عن زيد بن أسلم في قوله : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم . قال : كانت المرأة يوصي لها زوجها بنفقة سنة , ما لم تخرج وتتزوج , فنسخ ذلك بقوله : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا . فنسخت هذه الآية الأخرى , وفرض عليهن التربص أربعة أشهر وعشرا , وفرض لهن الربع والثمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن الأنباري عن قتادة في الآية قال : كانت المرأة يوصي لها زوجها بالسكنى والنفقة ما لم تخرج وتتزوج , ثم نسخ ذلك , وفرض لها الربع إن لم يكن لزوجها ولد , والثمن إن كان لزوجها ولد , ونسخ هذه الآية قوله : يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا . فنسخت هذه الآية الوصية إلى الحول .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن راهويه في " تفسيره " عن مقاتل بن حيان , أن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة وله أولاد , رجال ونساء , ومعه أبواه وامرأته , فمات بالمدينة , فرفع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم , فأعطى الوالدين , وأعطى أولاده بالمعروف , ولم يعط امرأته شيئا , غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول , وفيه نزلت : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي حاتم , عن مجاهد في قوله : فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف . قال : النكاح الحلال الطيب .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 113 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية