الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن غصب كلبا فيه نفع ، أو خمر ذمي : لزمه رده ) . هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وقدمه في الفروع وغيره . وذكر في الانتصار : لا ترد الخمر . وتلزم إراقتها إن حد ، وإلا لزمه تركه . وعليهما يخرج تعذير مريقه . وقال في القواعد الأصولية : لو غصب مسلم خمر ذمي : انبنى وجوب ردها على ملكها لهم . وفيه روايتان . حكاهما القاضي يعقوب وغيره .

إحداهما : يملكونها . فيجب الرد . وهذا قول جمهور أصحابنا .

والثانية : لا يملكونها . فينبغي وجوب الرد . وقد يقال : لا يجب . واتفق الأصحاب على إراقتها إذا أظهرها . ولو أتلفها لم يضمنها عند الجمهور . وخرج أبو الخطاب وجها بضمان قيمتها . إذا قلنا : إنها مال لهم . وأباه الأكثرون . وحكي لنا قول : يضمنها الذمي للذمي . وقال في الترغيب ، وعيون المسائل : ترد الخمر المحترمة ، ويرد ما تخلل بيده إلا ما أريق فجمعه آخر فتخلل . لزوال يده هنا . وتقدم في أول باب إزالة النجاسة : أن الصحيح : أن لنا خمرا محترمة . وهي خمرة الخلال . ويأتي في حد المسكر : هل يحد الذمي بشربها في كلام المصنف . [ ص: 125 ] تنبيهان : أحدهما : محل الخلاف إذا كانت مستورة . فأما إذا لم تكن مستورة فلا يلزمه ردها . قولا واحدا .

الثاني : ظاهر كلام المصنف : أنه لو غصب خمر مسلم لا يلزمه رده . وهو صحيح . لكن لو تخللت في يد الغاصب وجب ردها . ذكره القاضي ، وابن عقيل ، والأصحاب . لأن يد الأول لم تزل عنها بالغصب . فكأنها تخللت في يده . قاله في القاعدة الخامسة والثمانين . وقال : واختلفت عبارات الأصحاب في زوال الملك بمجرد التخمير . فأطلق الأكثرون الزوال . منهم القاضي ، وابن عقيل . وظاهر كلام بعضهم : أن الملك لم يزل . منهم صاحب المغني في كتاب الحج . وفي كلام القاضي ما يدل عليه . وبكل حال لو عاد خلا عاد الملك الأول بحقوقه من ثبوت الرهينة وغيرها . حتى لو خلف خمرا ودينا فتخللت : قضى منه دينه . ذكره القاضي في المجرد ، في الرهن . انتهى . قوله ( وإن أتلفه : لم يلزمه قيمته ) . هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . عنه : يلزمه قيمة الخمر . وخرج يضمنها الذمي بمثلها . وقال في الفروع : عنه يرد قيمتها . وقيل : ذمي . وقال في الإيضاح : يضمن الكلب . [ ص: 126 ] ويأتي قريبا إذا صاد بالكلب وغيره من الجوارح : هل يرد الصيد ، وتلزمه الأجرة أيضا أم لا ؟ في كلام المصنف . وتقدم أول الضمان " إذا أسلم المضمون له ، أو المضمون عنه . هل يسقط الدين إذا كان خمرا ؟ " .

التالي السابق


الخدمات العلمية