الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة صاحب ماردين وملك ولده

في هذه السنة مات قطب الدين إيلغازي بن نجم الدين بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق صاحب ماردين ، وملك بعده ابنه حسام الدين بولق أرسلان ، وهو طفل وقام بتربيته وتدبير مملكته نظام الدين البقش مملوك أبيه ، وكان شاه أرمن صاحب خلاط خال قطب الدين فحكم في دولته ، وهو رتب البقش مع ولده ، وكان [ ص: 484 ] البقش دينا خيرا عادلا حسن السيرة حليما ، فأحسن تربيته وتزوج أمه ، فلما كبر الولد لم يمكنه النظام من مملكته لخبط وهوج فيه ، وكان لنظام الدين هذا مملوك اسمه لؤلؤ قد تحكم في دولته وحكم فيها ، فكان يحمل النظام على ما يفعله مع الولد ، ولم يزل الأمر كذلك إلى أن مات الولد وله أخ أصغر منه لقبه قطب الدين ، فرتبه النظام في الملك وليس له منه إلا الاسم ، والحكم إلى النظام ولؤلؤ ، فبقي كذلك إلى سنة إحدى وستمائة ، فمرض النظام البقش فأتاه قطب الدين يعوده ، فلما خرج من عنده خرج معه لؤلؤ وضربه قطب الدين بسكين معه فقتله ، ثم دخل إلى النظام وبيده السكين فقتله أيضا ، وخرج وحده ومعه غلام له وألقى الرأسين إلى الأجناد ، وكانوا كلهم قد أنشأهم النظام ولؤلؤ فأذعنوا له بالطاعة ، فلما تمكن أخرج من أراد وترك من أراد ، واستولى على قلعة ماردين وأعمالها وقلعة البارعية وصور ، وهو إلى الآن حاكم فيها حازم في أفعاله .

التالي السابق


الخدمات العلمية