الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2073 ص: وخالفهم في ذلك آخرون; فقالوا: بل فيها سجدة.

                                                التالي السابق


                                                ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري وأبا حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وعبد الله بن وهب وابن حبيب من أصحاب مالك; فإنهم قالوا: بل في سورة (النجم) سجدة، وكذا في باقي المفصل، ويروى ذلك عن عثمان وعمار وعمرو بن العاص ، وعمر بن العزيز ، ومحمد بن سيرين .

                                                وفي "التلويح شرح البخاري": واختلف في عدد سجدات التلاوة; فعند أبي حنيفة أربع عشرة سجدة: في آخر الأعراف، والرعد، والنحل، وبني إسرائيل، ومريم، والأولى من الحج، والفرقان، والنمل، الم تنزيل ، وص، وحم السجدة، و (النجم)، و (إذا السماء انشقت)، و (اقرأ باسم ربك).

                                                [ ص: 476 ] وذهب مالك إلى أنها إحدى عشرة سجدة بإسقاط آخر الحج وثلاث المفصل.

                                                وذهب المدنيون في روايتهم عن مالك والليث وإسحاق ورواية عن أحمد وأبي المنذر، واختاره المروزي وابن سريج الشافعيان، إلى أنها خمس عشرة سجدة بثانية الحج.

                                                وذهب الشافعي إلى أنها أربعة عشر بسقوط (ص) وهو أصح قوليه وأحمد .

                                                وذهب أبو ثور إلى أنها أربعة عشر فأسقط سجدة (النجم).

                                                وذهب مسروق فيما رواه عنه أبو بكر بن أبي شيبة بسند صحيح إلى أنها ثنتا عشرة سجدة، أسقط ثانية الحج، وص، والانشقاق.

                                                وذهب عطاء الخراساني إلى أنها ثلاث عشر، أسقط ثانية الحج، والانشقاق.

                                                وذهب ابن مسعود إلى أن عزائم السجود: الأعراف، وبنو إسرائيل، و (النجم) والانشقاق، و اقرأ باسم ربك الذي خلق

                                                رواه ابن أبي شيبة : عن هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم، عنه.

                                                وذهب علي بن أبي طالب إلى أن عزائم السجود: الم تنزيل ، وحم السجدة، والنجم، واقرأ .

                                                رواه ابن أبي شيبة : عن عفان ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن يوسف بن مهران ، عن ابن عباس، عنه.

                                                وذهب سعيد بن جبير إلى أن عزائم السجود: الم تنزيل ، والنجم، واقرأ .

                                                [ ص: 477 ] رواه أبو بكر ، عن داود -يعني: ابن أبي إياس- عنه.

                                                وذهب عبيد بن عمير إلى أن عزائم السجود: الم تنزيل ، والأعراف، و حم تنزيل ، وبنو إسرائيل.

                                                وذهب جماعة إلى أنها عشر سجدات.

                                                وقال أبو بكر بن أبي شيبة : ثنا أبو أسامة، ثنا ثابت بن عمارة ، عن أبي تميمة الهجيمي: "أن أشياخنا من الهجيم بعثوا رائيا لهم إلى المدينة وإلى مكة شرفهما الله يسأل لهم عن سجود القرآن، فأخبرهم أنهم أجمعوا على عشر سجدات".

                                                وذهب ابن حزم إلى أنها تسجد للقبلة ولغير القبلة، وعلى طهارة وعلى غير طهارة، قال: وثانية الحج لا نقول بها أصلا في الصلاة وتبطل الصلاة بها -يعني إذا سجدت فيها- قال: لأنها لم تصح بها سنة عن رسول الله - عليه السلام -، ولا أجمع عليها وإنما جاء فيها أثر مرسل. انتهى.

                                                قلت: فيه نظر; لأن الحاكم روى فيها حديثا صحيحا : عن عمرو بن العاص: "أن رسول الله - عليه السلام - أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن العظيم منها ثلاثة في المفصل".




                                                الخدمات العلمية