الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لمحدث ) ظاهره عدم جوازه لمجدد الوضوء ، إلا أن يقال لما حصل له القربة بذلك صار كأنه محدث ( لا لجنب ) وحائض ، والمنفي لا يلزم تصويره ، وفيه أن النفي الشرعي يفتقر إلى إثبات عقلي ، [ ص: 267 ] ثم ظاهره جواز مسح مغتسل جمعة ونحوه ، وليس كذلك على ما في المبسوط ، ولا يبعد أن يجعل في حكمه فالأحسن لمتوضئ لا لمغتسل .

التالي السابق


( قوله لمحدث ) متعلق بقوله جائز ، وشمل المرأة كما سيصرح به . قال في غرر الأفكار : والمحدث حقيقة عرفية فيمن أصابه حدث يوجب الوضوء ( قوله ظاهره إلخ ) البحث والجواب للقهستاني . وأقول : قد يقال إن جوازه لمجدد الوضوء تعلم بالأولى ; لأن ما رفع المحدث الحقيقي يحصل به تجديد الطهارة بالأولى ، على أن قوله لا لجنب يدل بالمقابلة على أن المحدث احتراز عن الجنب فقط تأمل .

مطلب إعراب قولهم إلا أن يقال ( قوله إلا أن يقال ) استثناء مفرغ من أعم الظروف ; لأن المصادر قد تقع ظروفا ، نحو آتيك طلوع الفجر : أي وقت طلوعه والمصدر المنسبك هنا من هذا القبيل فالمعنى ظاهره كما ذكر في جميع الأوقات إلا وقت قولنا لما حصل إلخ ، كذا أفاده المحقق صدر الشريعة في أوائل التوضيح ( قوله والمنفي لا يلزم تصويره ) أي لا يلزم أن يجعل له صورة يمكن حصولها في الذهن ( قوله وفيه إلخ ) البحث للقهستاني .

بيانه أن النفي الشرعي : أي الذي استفيد من الشرع يتوقف على إمكان تصوير ما نفي به عقلا ، وإلا لم يكن مستفادا من الشرع بل من العقل ، كقولنا : لا تجتمع الحركة مع السكون ، وصوروا له صورا منها لو تيمم الجنب ثم لبس الخف ثم أحدث ووجد ماء يكفي للوضوء فقط لا يمسح ; لأن الجنابة سرت إلى القدمين والتيمم ليس طهارة كاملة ، ومثله الحائض إذا انقطع دمها . واعترضه في المجتبى بأن ما ذكر غير صحيح ; لأن الجناية لا تعود على الأصح . ا هـ

أقول : أي لا تعود إلى أعضاء الوضوء ولا غيرها ; لأنه لم يقدر على الماء الكافي والجنابة لا تتجزأ ، فهو محدث حقيقة لا جنب ، وليس الكلام فيه ; فاعتراض البحر على المجتبى بأنه عاد جنبا برؤية الماء غير وارد كما لا يخفى فالصحيح في تصويره ما في المجتبى فيما إذا توضأ ولبس ثم أجنب ليس له أن يشد خفيه فوق الكعبين ثم يغتسل ويمسح . ا هـ . أو يغتسل قاعدا واضعا رجليه على شيء مرتفع ثم يمسح ومثله الحائض ، ولكن لا يتأتى إلا على قول أبي يوسف من أن أقل الحيض عنده يومان وأكثر الثالث ، فإذا كانت المرأة مسافرة وتوضأت ابتداء مدة السفر ولبست الخف ثم حاضت هذا المقدار فقد بقي من المدة نحو خمس ساعات فلا يجوز لها أن تمسح فيها . وأما على قولهما فلا يتصور ; لأن أقل مدة الحيض ثلاثة أيام فتنقضي فيها مدة المسح كما أوضحه في البحر ولم يذكر النفساء . [ ص: 267 ]

وصورتها كما في البحر أنها لبست على طهارة ثم نفست وانقطع قبل ثلاثة مسافرة أو قبل يوم وليلة مقيمة ( قوله ثم ظاهره ) أي ظاهر قوله لا لجنب ثم هذا الكلام إلخ للقهستاني ( قوله وليس كذلك إلخ ) عبارة القهستاني : وينبغي أن لا يجوز على ما في المبسوط . ا هـ . ومفاده أنه في المبسوط ذكره بلفظ ينبغي لا على سبيل الجزم فلذا قواه بقوله ولا يبعد وإلا لم يحتج إلى ذلك ( قوله ولا يبعد إلخ ) أي لا يبعد أن يجعل غسل الجمعة في حكم غسل الجنابة ، يعني أن كلام المبسوط غير بعيد . ا هـ ح . ووجهه أن ماهية الغسل المسنون هي ماهية غسل الجنابة ، وهي غسل جميع ما يمكن غسله من البدن ; فقوله لا لجنب نفي لمشروعية المسح في الغسل سواء كان عن جنابة أو غيرها ; كما أن إثبات مشروعيته للمحدث هو إثبات لمشروعيته في الوضوء سواء كان عن حدث أو غيره ; لأن ماهية الوضوء في حقهما واحدة أركانا وسننا كما قلنا في الغسل ( قوله فالأحسن إلخ ) أي الأحسن تعبير المصنف بذلك ليشمل المتوضئ مجدد الوضوء ، والمغتسل مغتسل الجمعة ، والعيد بلا تأويل في العبارة




الخدمات العلمية