الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                المسألة السادسة الملك : إما للعين والمنفعة معا ، وهو الغالب . أو للعين فقط كالعبد الموصى بمنفعته أبدا رقبته ملك للوارث . وليس له شيء من منافعه ، وعليه نفقته ومؤنته . ولا يصح بيعه لغير الموصى له ، ويصح له إعتاقه ، لا عن الكفارة ، ولا كتابته . وله وطؤها إن كانت ممن لا تحبل ، وإلا فلا . وفي كل من ذلك خلاف وإما للمنفعة فقط ، كمنافع العبد الموصى بمنفعته أبدا ، وكالمستأجر ، والموقوف على معين . وقد يملك الانتفاع دون المنفعة كالمستعير . والعبد الذي أوصي بمنفعته مدة حياة الموصى له . وكالموصى بخدمته وسكناها .

                فإن ذلك إباحة له ، لا تمليك وكذا الموقوف على غير معين كالربط والطعام المقدم للضيف وكل من ملك المنفعة ، فله الإجارة ، والإعارة . ومن ملك الانتفاع ، فليس له الإجارة قطعا ، ولا الإعارة في الأصح . ونظير ذلك : الأمة المزوجة : إذا وطئت بشبهة ، أو إكراه ، فإن مهرها للسيد ; لأنه مالك البضع ، لا للزوج ; لأنه لم يملكه ، بل ملك الانتفاع به ، وكذا الحرة : إذا وطئت بشبهة : مهرها لها ، لا لزوجها ، فإنه ملك الانتفاع ببعضها دونه .

                [ ص: 327 ] قال العلائي : ومن ذلك أيضا : الإقطاع " على الرأي المختار " فإن المقطع لم يملك إلا أن ينتفع ، بدليل الاسترجاع منه ، متى شاء الإمام ، فليس له الإجارة ، إلا أن يأذن له الإمام أو يستقر العرف بذلك . كما في الإقطاعات بديار مصر . قال : وهذا هو الذي كان يفتي به شيخنا برهان الدين ، وكمال الدين ، وهو اختيار شيخهما تاج الدين الفزاري . والذي أفتى به النووي : صحة إجارة الأقطاع ، وشبهه بالصداق قبل الدخول .

                قال العلائي : وفي ذلك نظر ; لأن الزوجة ملكت الصداق بالعقد ملكا تاما ، وإذا قبضته كان لها التصرف فيه بالبيع وغيره ، والإقطاع ليس كذلك . وقد قال الرافعي : إن الوصية بالمنافع إذا كانت مطلقة أو مقيدة بالتأبيد أو بمدة معينة كالسنة مثلا يكون تمليكا لها بعد الموت ، فتصح إجارتها وإعارتها ، والوصية بها وتنتقل عن الموصى له بموته إلى ورثته ، ثم قال : أما إذا قال أوصيت لك بمنافعه مدة حياتك فهو إباحة وليس بتمليك وليس له الإجارة ، وفي الإعارة وجهان .

                وإذا مات الموصى له رجع الحق إلى ورثة الموصي . وهذه المسألة أشبه شيء بالإقطاع ; لأنه مقيد عرفا بحياة المقطع ، وإذا مات بطل بل هو أضعف من الوصية ; لأنه قد يسترجع منه في حياته بخلاف الوصية ا هـ .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية