الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3251 (9) باب الاستظهار في التعريف بزيادة على السنة إذا ارتجى ربها

                                                                                              [ 1819 ] عن سويد بن غفلة قال: خرجت أنا وزيد بن صوحان، وسلمان بن ربيعة غازين، فوجدت سوطا، فأخذته، فقالا لي: دعه، فقلت: لا، ولكني أعرفه، فإن جاء صاحبه، وإلا استمتعت به، قال: فأبيت عليهما، فلما رجعنا من غزاتنا، قضي لي أني حججت فأتيت المدينة، فلقيت أبي بن كعب، فأخبرته بشأن السوط، وبقولهما، فقال: إني وجدت صرة فيها مائة دينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: عرفها حولا. قال: فعرفتها فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال: عرفها حولا. فعرفتها، فلم أجد من يعرفها، ثم أتيته فقال: عرفها حولا. فلم أجد من يعرفها. ثم أتيته فقال: عرفها حولا. فعرفتها، فلم أجد من يعرفها. فقال: احفظ عددها ووعاءها ووكاءها، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها، فلقيته بعد ذلك بمكة، فقال: لا أدري بثلاثة أحوال أو حول واحد.

                                                                                              وفي رواية شعبة، قال: فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرفها عاما واحدا. وفي أخرى: فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطها إياه. وإلا فهي كسبيل مالك.

                                                                                              رواه أحمد (5 \ 126 و 127) والبخاري (2426 و 2437) ومسلم (1723) (9 و 10) وأبو داود (1701) والترمذي (1374) وابن ماجه (2506).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (9) ومن باب الاستظهار في التعريف

                                                                                              استدلال أبي بن كعب بحديث المائة الدينار حيث سئل عن التقاط السوط; يدل على أن مذهبه التسوية بين قليل اللقطة وكثيرها في وجوب التعريف بها سنة ، وأنه يستظهر بعد ذلك بحولين، وهذا لم يقل به أحد في الشيء اليسير. وقد قدمنا أنه لم يأخذ أحد من العلماء بتعريف ثلاثة أعوام إلا شيء روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - والجمهور على أن التعريف فيما له بال سنة; لأن [ ص: 192 ] صاحبها إن كان حاضرا تنبه لها، وتذكرها، وظهر طلبه لها في هذه السنة، وإن كان غائبا أمكن عوده وطلبها في هذه السنة، أو يسمع خبره فيها، فإذا لم يأت بعد السنة; فالظاهر الغالب أنه هلك، وأن هذا المال ضائع، فواجده أولى به؛ لما تقدم في الشيء الكثير، فأما في الشيء اليسير فيمكن أن يكون صاحبه تركه استسهالا واستخفافا، وأنه غير محتاج إليه، وهذا في التمرة والكسرة واضح، فلا يحتاج إلى تعريف، وألحق بعض أصحابنا أقل من الدرهم بذلك، وأبعد أبو حنيفة فقال: لا تعريف في أقل من ثمانية دراهم، وأبعد من هذا قول إسحاق : إن الدينار لا يحتاج إلى تعريف؛ تمسكا بحديث علي المتقدم، وقد قدمنا: أنه لا حجة فيه.

                                                                                              وأما أمره - صلى الله عليه وسلم - لأبي بزيادة التعريف على سنة بسنة أو سنتين - على اختلاف الرواية فذلك مبالغة، واحتياط على جهة الاستحباب كما تقدم، لا سيما مع استغناء الملتقط عن الانتفاع بها. قالوا: وكذلك كان أبي - رضي الله عنه - مستغنيا عنها.

                                                                                              و(قول شعبة : فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرفها عاما واحدا ) يعني: [ ص: 193 ] سلمة بن كهيل الذي روى عنه هذا الحديث، يعني: أنه لقيه بعد أن سمع الحديث منه بعشر سنين، فأعاد سلمة الحديث، فقال: عرفها عاما واحدا; يعني: في الاستظهار، وكأن شعبة شك في عدم الاستظهار، هل هو في سنة واحدة؟ فلقيه بعد ذلك بعشر سنين، فسأله، فأخبره أنه كان عاما واحدا، فزال شكه. والله تعالى أعلم.




                                                                                              الخدمات العلمية