الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين .

أطلق على تقدمة المتقين إلى الجنة فعل السوق على طريقة المشاكلة ل ( سيق ) الأول ، والمشاكلة من المحسنات ، وهي عند التحقيق من قبيل الاستعارة التي لا علاقة لها إلا المشابهة الجملية التي تحمل عليها مجانسة اللفظ .

وجعلهم زمرا بحسب مراتب التقوى .

والواو في جملة وفتحت أبوابها واو الحال ، أي حين جاءوها وقد فتحت [ ص: 72 ] أبوابها فوجدوا الأبواب مفتوحة على ما هو الشأن في اقتبال أهل الكرامة .

وقد وهم في هذه الواو بعض النحاة مثل ابن خالويه والحريري وتبعهما الثعلبي في تفسيره فزعموا أنها واو تدخل على ما هو ثامن إما لأن فيه مادة ثمانية كقوله ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم ، فقالوا في وفتحت أبوابها جيء بالواو لأن أبواب الجنة ثمانية ، وإما لأنه ثامن في التعداد نحو قوله تعالى التائبون العابدون إلى قوله والناهون عن المنكر فإنه الوصف الثامن في التعداد ووقوع هذه الواوات مصادفة غريبة ، وتنبه أولئك إلى المصادفة تنبه لطيف ولكنه لا طائل تحته في معاني القرآن بله بلاغته ، وقد زينه ابن هشام في مغني اللبيب ، وتقدم الكلام عليها عند قوله تعالى " التايبون العابدون " في سورة التوبة وعند قوله ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم في سورة الكهف .

و ( إذا ) هنا لمجرد الزمان غير مضمنة معنى الشرط ، فالتقدير : حتى زمن مجيئهم إلى أبواب الجنة ، أي خلتهم الملائكة الموكلون بإحفافهم عند أبواب الجنة ، كحالة من يهدي العروس إلى بيتها فإذا أبلغها بابه خلى بينها وبين بيتها ، كأنهم يقولون : هذا منزلكم فدونكموه ، فتلقتهم خزنة الجنة بالسلام .

و ( طبتم ) دعاء بالطيب لهم ، أي التزكية ، وطيب الحالة ، والجملة إنشاء تكريم ودعاء .

والخلاف بين القراء في ( فتحت ) هنا كالخلاف في نظيره المذكور آنفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية