الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الملتزم

                                                                      1898 حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت لألبسن ثيابي وكانت داري على الطريق فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم [ ص: 276 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 276 ] وسيجيء تفسيره .

                                                                      ( قد خرج من الكعبة ) : ولفظ أحمد في مسنده قد خرج من الكعبة وأصحابه قد استلموا البيت ( من الباب إلى الحطيم ) : متعلق بقوله استلموا ، وهذا تفسير للمكان الذي استلموه من البيت . والحطيم هو ما بين الركن والباب كما ذكره محب الدين الطبري وغيره . وقال مالك في المدونة : الحطيم ما بين الباب إلى المقام . وقال ابن حبيب : هو ما بين الحجر الأسود إلى الباب إلى المقام ، وقيل هو الشاذروان ، وقيل هو الحجر الأسود كما يشعر به سياق هذا الحديث . وسمي حطيما لأن الناس كانوا يحطمون هناك بالإيمان ، ويستجاب فيه الدعاء للمظلوم عند باب الحطيم على الظالم ، وقل من حلف هنالك كاذبا إلا عجلت له العقوبة . وفي كتب الحنفية أن الحطيم هو الموضع الذي فيه الميزاب ( قد وضعوا خدودهم على البيت ) : فيه استحباب وضع الخد والصدر على البيت ، الحرام وهو ما بين الركن والباب ، ويقال له الملتزم ، كما روى الطبراني عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال : الملتزم ما بين الركن والباب . وأخرجه البيهقي في الشعب من طريق أبي الزبير عن ابن عباس مرفوعا ، ورواه عبد الرزاق بإسناد يصح عنه موقوفا كذا في النيل . وسمي بذلك لأن الناس يلتزمونه . ( وسطهم ) : قال الجوهري : تقول جلست وسط القوم بالتسكين ؛ لأنه ظرف وجلست وسط [ ص: 277 ] الدار بالفتح لأنه اسم ، قال : وكل وسط يصلح فيه بين فهو وسط بالإسكان ، وإن لم يصلح بين فهو وسط بالفتح . قال الأزهري : كل ما بين بعضه من بعض كوسط الصف والقلادة والسبحة ، وحلقة الناس فهو بالإسكان ، وما كان منضما لا يبين بعضه من بعض ، كالساحة والدار والراحبة فهو وسط بالفتح . وقد أجازوا في المفتوح الإسكان ولم يجيزوا في الساكن الفتح انتهى .

                                                                      وقال السندي تحت قوله استلموا البيت : لا يخفى أن الملتزم ما بين الباب والركن فكان الاستدلال بهذا الحديث بالمقايسة ، فإنه لما ثبت استلام هذا الموضع يقاس عليه استيلاء الملتزم في الحج انتهى . وقال الشيخ العلامة محمد إسحاق الدهلوي أو بأن موضع الملتزم ازدحموا عليه من قبل ما كان فارغا فاستلموا في هذا الباب الجانب من الباب ، وليس قوله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسطهم نصا على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان شريكا في هذا الفعل أيضا ، انتهى .

                                                                      قال المنذري : في إسناده يزيد بن أبي زياد ، ولا يحتج به ، وذكر الدارقطني أن يزيد بن أبي زياد تفرد به عن مجاهد .




                                                                      الخدمات العلمية