الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء فيمن يستشهد وعليه دين

                                                                                                          1712 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال فقام رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله يكفر عني خطاياي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف قلت قال أرأيت إن قتلت في سبيل الله أيكفر عني خطاياي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك قال أبو عيسى وفي الباب عن أنس ومحمد بن جحش وأبي هريرة وهذا حديث حسن صحيح وروى بعضهم هذا الحديث عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا وروى يحيى بن سعيد الأنصاري وغير واحد هذا عن سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أصح من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أنه قام ) أي واعظا ( فيهم ) أي في أصحابه ( أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال ) قال القاري : الواو لمطلق الجمع ، ولعل فيه الإشارة إلى أن الجهاد مع الإيمان أفضل أعمال القلب ، ولا يشكل بما عليه الجمهور من أن الصلاة أفضل الأعمال لاختلاف [ ص: 302 ] الحيثيتين ، فالصلاة أفضل لمداومتها والجهاد أفضل لمشقته لا سيما الجهاد يستلزم الصلاة وإلا لا فضيلة له انتهى ( أرأيت ) أي أخبرني ( إن قتلت في سبيل الله ) أي استشهدت ( يكفر ) على بناء المفعول ، والاستفهام مقدر ، أي أيمحو الله عني خطاياي ؟ ( وأنت صابر ) أي غير جزع ( محتسب ) أي طالب للأجر والمثوبة لا للرياء والسمعة ( مقبل ) أي على العدو ( غير مدبر ) أي عنه ، وهو تأكيد لما قبله . وقال النووي : لعله احتراز ممن يقبل في وقت ويدبر في وقت ، والمحتسب هو المخلص لله تعالى ، فإن قاتل لعصبية أو لأخذ غنيمة أو لصيت أو نحو ذلك فليس له هذا الثواب ولا غيره ( ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف قلت ) فقال : ( أرأيت ) أي قلت أرأيت ، أو معناه كيف قلت ؟ أعد القول والسؤال ، فقال : أرأيت ( أيكفر عني خطاياي ) ؟ بهمزة الاستفهام هنا أي يمحى ( نعم وأنت صابر ) أي نعم إن قلت والحال أنك صابر ( إلا الدين ) استثناء منقطع ويجوز أن يكون متصلا أي الدين الذي لا ينوي أداءه قاله القاري . وقال التوربشتي : أراد بالدين هنا ما يتعلق بذمته من حقوق المسلمين إذ ليس الدائن أحق بالوعيد والمطالبة منه من الجاني والغاصب والخائن والسارق . وقال النووي : فيه تنبيه على جميع حقوق الآدميين وأن الجهاد والشهادة وغيرهما من أعمال البر لا يكفر حقوق الآدميين وإنما يكفر حقوق الله تعالى ( فإن جبريل قال لي ذلك ) أي إلا الدين . قال الطيبي فإن قلت : كيف قال صلى الله عليه وسلم ، كيف قلت وقد أحاط بسؤاله علما وأجابه بذلك الجواب ؟ قلت : يسأل ثانيا ويجيبه بذلك الجواب ويعلق به إلا الدين استدراكا بعد إعلام جبريل عليه السلام إياه صلوات الله وسلامه عليه .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أنس ومحمد بن جحش وأبي هريرة ) أما حديث أنس فأخرجه الترمذي في باب ثواب الشهيد . وأما حديث محمد بن جحش فأخرجه النسائي في التغليظ في الدين والطبراني في الأوسط والحاكم وقال صحيح الإسناد . وأما حديث أبي هريرة فلينظر من أخرجه .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية