الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وحنث في لا يخرج ) من المسجد ( إن حمل وأخرج ) مختارا ( بأمره وبدونه ) بأن حمل مكرها ( لا ) يحنث ( ولو راضيا بالخروج ) في الأصح ( ومثله لا يدخل أقساما وأحكاما وإذا لم يحنث ) بدخوله بلا أمره أو بزلق أو بعثر أو هبوب ريح أو جمح دابة على الصحيح ظهيرية ( لا تنحل يمينه ) لعدم فعله ( على المذهب ) الصحيح فتح وغيره ، [ ص: 755 ] وفي البحر عن الظهيرية به يفتى لكنه خالف في فتاويه فأفتى بانحلالها أخذا بقول أبي شجاع لأنه أرفق لكنك علمت المعتمد .

التالي السابق


( قوله من المسجد ) قيد به تبعا للإمام محمد في الجامع الصغير احترازا عن الدار المسكونة قال في الذخيرة ما نصه قال القدوري : الخروج من الدار المسكونة أن يخرج بنفسه ومتاعه وعياله ، والخروج من البلدة والقرية أن يخرج ببدنه خاصة زاد في المنتقى إذا خرج ببدنه فقد بر أراد سفرا أو لم يرد ا هـ ولا يخفى أن قوله زاد في المنتقى إلخ راجع لمسألة الخروج من البلد والقرية ، فلا يدل على أنه يكفي أن يخرج ببدنه في مسألة الدار أيضا فليس في ذلك ما يخالف ما في البحر وغيره فافهم ، نعم في الظهيرية والخانية : لو حلف لا يخرج من هذه الدار فهو على الرحيل منها بأهله إن كان ساكنا فيها إلا إذا دل الدليل على أنه أراد به الخروج ببدنه ( قوله بأن حمل مكرها ) أي ولو كان بحال يقدر على الامتناع ولم يمتنع في الصحيح خانية ، وفي البزازية تصحيح الحنث في هذه الصورة هذا . واعترض في الشرنبلالية ذكر الإكراه هنا بأنه لا يناسب قوله ولو راضيا إذ لا يجامع الإكراه الرضا . ا هـ .

وفي الفتح : والمراد من الإخراج مكرها هنا أن يحمله ويخرجه كارها لذلك لا الإكراه المعروف هو أن يتوعده حتى يفعل فإنه إذا توعده فخرج بنفسه حنث ، لما عرف أن الإكراه لا يعدم الفعل عندنا ا هـ وأقره في البحر . واعترض في اليعقوبية التعليل بما قالوا في لا أسكن الدار فقيد ومنع لا يحنث لأن للإكراه تأثيرا في إعدام الفعل . وأجبت عنه فيما علقته على البحر بأنه قد يقال إنه يعدم الفعل بحيث لا ينسب إلى فاعله إذا أعدم الاختيار وهنا دخل باختياره فليتأمل . وفي القهستاني عن المحيط لو خرج بقدميه للتهديد لم يحنث وقيل حنث . ا هـ . ومفاده اعتماد عدم الحنث لكن في إكراه الكافيللحاكم الشهيد لو قال عبده حر إن دخل هذه الدار فأكره بوعيد تلف حتى دخل عتق ولا يضمن المكره قيمة العبد ( قوله لا يحنث ) لأن الفعل وهو الخروج لم ينتقل إلى الحالف لعدم الأمر وهو الموجب للنقل فتح ( قوله في الأصح ) وقيل يحنث إذا حمله برضاه لا بأمره لأنه لما كان يقدر على الامتناع فلم يفعل صار كالآمر .

وجه الصحيح أن انتقال الفعل بالأمر لا بمجرد الرضا ولم يوجد الأمر ولا الفعل منه فلا ينسب الفعل إليه ، ولو قيل : إن الرضا ناقل دفع بفرع اتفاقي وهو ما إذا أمره أن يتلف ماله ففعل لا يضمن المتلف لانتساب الإتلاف إلى المالك بالأمر فلو أتلفه وهو ساكت ينظر لم ينهه ضمن بلا تفصيل لأحد بين كونه راضيا أو لا فتح ( قوله أقساما ) من الحمل والإدخال بالأمر أو بغيره مكرها أو راضيا قهستاني ( قوله وأحكاما ) من الحنث وعدمه ( قوله وإذا لم يحنث ) شرط ، جوابه قول المصنف لا تنحل يمينه ط ( قوله أو بزلق ) عطف على قوله بلا أمره أي بزلق قدميه وهو بفتحتين مصدر زلق كفرح وفي نسخة ولو بزلق ( قوله أو بعثر ) بصيغة المصدر فهو بسكون الثاء المثلثة . قال في القاموس : عثر كضرب ونصر وعلم وكرم عثرا وعثيرا وعثارا وتعثر كبا . ا هـ . ط ( قوله أو جمح دابة ) في المصباح جمح الفرس براكبه يجمح جماحا بالكسر وجموحا استعصى حتى غلب تأمل ( قوله على الصحيح ) راجع إلى جميع المعاطيف ط ( قوله فتح وغيره ) عبارة الفتح قال السيد أبو شجاع : تنحل وهو أرفق بالناس وقال غيره من المشايخ : لا تنحل وهو الصحيح ذكره التمرتاشي وقاضي خان ، وذلك لأنه إنما لا يحنث لانقطاع نسبة الفعل إليه ، وإذا لم يوجد منه المحلوف عليه كيف تنحل اليمين فبقيت على حالها في الذمة ، ويظهر أثر هذا في الخلاف فيما لو دخل [ ص: 755 ] بعد هذا الإخراج هل يحنث ؟ فمن قال انحلت قال لا يحنث ، وهذا بيان كونه أرفق بالناس ، ومن قال لم تنحل قال حنث . ووجبت الكفارة وهو الصحيح . ا هـ .

وقوله فيما لو دخل بعد هذا الإخراج يعني ثم خرج بنفسه لأن كلامه فيما لو حلف لا يخرج فأخرج محمولا بدون أمره وإذا لم تنحل اليمين بهذا الإخراج يحنث لو دخل ثم خرج بنفسه لا بمجرد دخوله فافهم ( قوله لكنه خالف في فتاويه إلخ ) ذكر الرملي أنه لم يجد ذلك في فتاوى صاحب البحر ، بل وجد ما يخالفه . قلت : ولعل ذلك ساقط من نسخته وإلا فقد وجدته فيها .




الخدمات العلمية