الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النوع الخامس : الصفة ، وترد لأسباب :

أحدها : التخصيص في النكرة ، نحو : فتحرير رقبة مؤمنة [ النساء : 92 ] .

الثاني : التوضيح في المعرفة ؛ أي : زيادة البيان ، نحو : ورسوله النبي الأمي [ الأعراف : 158 ] .

الثالث : المدح والثناء ، ومنه صفات الله تعالى ، نحو : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين [ الفاتحة : 1 - 4 ] ، الخالق البارئ المصور [ الحشر : 24 ] .

ومنه : يحكم بها النبيون الذين أسلموا [ المائدة : 44 ] ، فهذا الوصف للمدح وإظهار شرف الإسلام ، والتعريض باليهود ، وأنهم بعداء عن ملة الإسلام الذي هو دين [ ص: 114 ] الأنبياء كلهم ، وأنهم بمعزل عنها . قاله الزمخشري .

الرابع : الذم ، نحو : فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ النحل : 98 ] .

الخامس : التأكيد لرفع الإيهام ، نحو : لا تتخذوا إلهين اثنين [ النحل : 51 ] ، فإن ( إلهين ) للتثنية ، ف ( اثنين ) بعده صفة مؤكدة للنهي عن الإشراك ، ولإفادة أن النهي عن اتخاذ إلهين إنما هو لمحض كونهما اثنين فقط ، لا لمعنى آخر من كونهما عاجزين أو غير ذلك ؛ ولأن الوحدة تطلق ويراد بها النوعية ، كقوله صلى الله عليه وسلم : إنما نحن وبنو المطلب شيء واحد ، وتطلق ويراد بها نفي العدة ، فالتثنية باعتبارها ، فلو قيل : لا تتخذوا إلهين فقط لتوهم أنه نهي عن اتخاذ جنسين آلهة ، وإن جاز أن يتخذ من نوع واحد عدد آلهة ، ولهذا أكد بالواحدة قوله : إنما هو إله واحد [ الأنعام : 19 ] .

ومثله : فاسلك فيها من كل زوجين اثنين [ المؤمنون : 27 ] ، على قراءة تنوين ( كل ) . وقوله : فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة [ الحاقة : 13 ] ، فهو تأكيد لرفع توهم تعدد النفخة ؛ لأن هذه الصيغة قد تدل على الكثرة بدليل : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها [ إبراهيم : 34 ] .

ومن ذلك قوله : فإن كانتا اثنتين [ النساء : 176 ] ، فإن لفظ كانتا تفيد التثنية ، فتفسيره باثنتين لم يفد زيادة عليه .

وقد أجاب عن ذلك الأخفش والفارسي بأنه أفاد العدد المحض مجردا عن الصفة ؛ لأنه قد كان يجوز أن يقال : فإن كانتا صغيرتين أو كبيرتين أو صالحتين أو غير ذلك من الصفات ، فلما قال : ( اثنتين ) أفهم أن فرض الثنتين تعلق بمجرد كونهما ثنتين فقط ، وهي فائدة لا تحصل من ضمير المثنى .

وقيل : أراد : ( فإن كانتا اثنتين فصاعدا ) فعبر [ ص: 115 ] بالأدنى عنه وعما فوقه اكتفاء ، ونظيره : فإن لم يكونا رجلين [ البقرة : 282 ] ، والأحسن فيه أن الضمير عائد على الشهيدين المطلقين .

ومن الصفات المؤكدة قوله : ولا طائر يطير بجناحيه [ الأنعام : 38 ] ، فقوله يطير : لتأكيد أن المراد بالطائر حقيقته ، فقد يطلق مجازا على غيره ، وقوله : بجناحيه لتأكيد حقيقة الطيران ؛ لأنه يطلق مجازا على شدة العدو والإسراع في المشي ، ونظيره : يقولون بألسنتهم [ الفتح : 11 ] ؛ لأن القول يطلق مجازا على غير اللساني بدليل : ويقولون في أنفسهم [ المجادلة : 8 ] ، وكذا ولكن تعمى القلوب التي في الصدور [ الحج : 46 ] ؛ لأن القلب قد يطلق مجازا على العين ، كما أطلقت العين مجازا على القلب في قوله : الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري [ الكهف : 101 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية