الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
حلف ( ليأتينه ) فهو أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أم لا ( فلو لم يأته حتى مات ) أحدهما ( حنث في آخر حياته ) وكذا كل يمين مطلقة أما المؤقتة فيعتبر آخرها فإن مات قبل مضيه فلا حنث وقوله : حنث يفيد أنه لو ارتد ولحق لا يحنث لبطلان يمينه بالله تعالى بمجرد الردة كما مر [ ص: 758 ] فتدبر .

التالي السابق


( قوله فهو أن يأتي منزله أو حانوته ) فلو أتى مسجده لا يكفي فالشرط الوصول إلى محله لا الاجتماع كما قدمناه ( قوله حتى مات أحدهما ) قدر لفظ أحدهما لأن الحنث لا يختص بموت الحالف فقط ، بل المحلوف عليه مثله كما يأتي ( قوله حنث في آخر حياته ) أي حياة أحدهما ، فلو كانت يمينه بالطلاق فماتت المرأة تبقى اليمين لامكان الإتيان بعد موتها ، نعم لو كان الشرط طلاقها مثل إن لم أطلقك فأنت طالق ثلاثا يحنث بموتها أيضا لتحقق اليأس عن الشرط بموتها إذ لا يمكن طلاقها بعده بخلاف الإتيان ونحوه كما قدمناه في الطلاق الصريح عن الفتح ، وكلام الفتح هنا موهم خلاف المراد فتنبه ( قوله وكذا كل يمين مطلقة ) أي لا خصوصية للإتيان ، بل كل فعل حلف أن يفعله في المستقبل وأطلقه ولم يقيده بوقت لم يحنث حتى يقع اليأس عن البر مثل ليضربن زيدا أو ليعطين فلانة أو ليطلقن زوجته وتحقق اليأس عن البر يكون بفوت أحدهما ولذا قال في غاية البيان : وأصل هذا الحالف في اليمين المطلقة لا يحنث ما دام الحالف والمحلوف عليه قائمين لتصور البر فإذا فات أحدهما فإنه يحنث . ا هـ . بحر قال ح وهذا إذا كانت على الإثبات فإن كانت على النفي لا يحنث في آخر حياته ويمكن حنثه حالا كما لا يخفى ( قوله أما المؤقتة فيعتبر آخرها ) أي آخر وقتها وفي بعض النسخ آخره أي آخر الوقت المعلوم من المقام أي فإذا مضى الوقت ولم يفعل حنث ( قوله فلا حنث ) لتعلق الحنث بآخر الوقت ولم يوجد في حقه ( قوله لبطلان يمينه بالله تعالى ) أشار به إلى أن يمينه لو كانت بالطلاق مثلا لا تبطل بالردة لأن الكفر لا ينافي التعليق بغير القرب ابتداء فكذا بقاء . ا هـ . ح ( قوله كما مر ) [ ص: 758 ] أي أول الأيمان ( قوله فتدبر ) أمر بالتدبر إشارة إلى خفاء إفادة ذلك من قوله حنث ووجهها أن حنثه في آخر حياته يدل على بقاء اليمين صحيحة قبل الموت ، إذ الباطلة لا حنث فيها والحكم باللحاق مرتدا وإن كان موتا حكما لكنه غير مراد هنا لبطلان اليمين بمجرد الرد قبل الحكم باللحاق الذي هو في حكم الموت فحيث بطلت اليمين قبل الموت علم أن مراده بقوله حتى مات الموت الحقيقي إذ لا يتصور الحنث بالموت الحكمي فافهم .




الخدمات العلمية