الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) صفة عقد الموادعة ، فهو أنه عقد غير لازم محتمل للنقض ، فللإمام أن ينبذ إليهم ; لقوله - سبحانه وتعالى - { وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء } فإذا وصل النبذ إلى ملكهم ، فلا بأس للمسلمين أن يغزوا عليهم ; لأن الملك يبلغ قومه ظاهرا إلا إذا استيقن المسلمون أن خبر النبذ لم يبلغ قومه ، ولم يعلموا به ، فلا أحب أن يغزوا عليهم ; لأن الخبر إذا لم يبلغهم فهم على حكم الأمان الأول ، فكان قتالهم منا غدرا وتغريرا ، وكذلك إذا كان النبذ من جهتهم بأن أرسلوا إلينا رسولا بالنبذ ، وأخبروا الإمام بذلك فلا بأس للمسلمين أن يغزوا عليهم ، لما قلنا إلا إذا استيقن المسلمون أن أهل ناحية منهم لم يعلموا بذلك لما بينا .

                                                                                                                                ولو وادع الإمام على جعل ، أخذه منهم ، ثم بدا له أن ينقض فلا بأس به ; لما بينا أنه عقد غير لازم ، فكان محتملا للنقض ، ولكن يبعث إليهم بحصة ما بقي من المدة من الجعل الذي أخذه ; لأنهم إنما أعطوه ذلك بمقابلة الأمان في كل المدة ، فإذا فات بعضها لزم الرد بقدر الفائت ، هذا إذا وقع الصلح على أن يكونوا مستبقين على أحكام الكفر .

                                                                                                                                ( فأما ) إذا وقع الصلح على أنه يجري عليهم أحكام الإسلام فهو لازم ، لا يحتمل النقض ; لأن الصلح الواقع على هذا الوجه عقد ذمة ، فلا يجوز للإمام أن ينبذ إليهم والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية