الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وصريحه بظهر مؤبد تحريمها أو عضوها ، أو ظهر ذكر . [ ص: 228 ] ولا ينصرف للطلاق ، وهل يؤخذ بالطلاق معه إذا نواه مع قيام البينة : [ ص: 229 ] كأنت حرام كظهر أمي ، أو كأمي ؟ تأويلان

التالي السابق


( وصريحه ) أي الظهار مصور ( ب ) لفظ مشتمل على تشبيه من تحل ( بظهر ) مرأة ( مؤبد ) بضم الميم وفتح الهمز والموحدة مشددة ( تحريمها ) على المظاهر بنسب أو رضاع أو صهر كانت علي كظهر أمي نسبا أو رضاعا أو أم زوجتي ( أو عضوها أو ظهر ذكر ) " غ صوابه لا عضوها أو ظهر ذكر بالنفي فليسا من الصريح على الصحيح ، بل من [ ص: 228 ] كنايته . فإن جعل كل عضو من المؤبد تحريمها في الصراحة كالظهر خلاف المشهور ولم نعرف من ألحق ظهر الذكر بالصريح على القول بأنه ظهار ( ولا ينصرف ) صريح الظهار عنه ( للطلاق ) بحيث يصير طلاقا فقط على المشهور ، رواه ابن القاسم عن مالك رضي الله عنه ، فإن نوى به الطلاق لم يكن طلاقا في الفتوى .

( وهل يؤخذ ) بضم التحتية وسكون الهمز وضم الخاء المعجمة الزوج ( بالطلاق معه ) أي الظهار ( إذا نواه ) أي الزوج الطلاق بصريح الظهار ( مع قيام البينة ) أي في القضاء الظهار للفظه والطلاق لنيته وهي رواية عيسى عن ابن القاسم ، وتأول ابن رشد المدونة عليها فتلزمه الثلاث ولا تقبل منه نية ما دونها خلافا لسحنون ، أو يؤخذ بالظهار فقط . البناني قرر " ز " وخش كلام المصنف على ظاهره من أن التأويلين في القضاء وهو يوهم الاتفاق على عدم الانصراف في الفتوى ، وكلامه في ضيح عكسه وكلاهما غير صواب ، وقد حرر اللقاني في حواشيه المسألة ، وكذا الحط بنقل كلام المقدمات .

اللقاني بعد كلام ابن رشد ما نصه " فحاصله أن رواية عيسى عن ابن القاسم في صريح الظهار إذا نوي به أنه ينصرف للطلاق في الفتوى ، وأنه يؤخذ بهما معا في القضاء ، وأن رواية أشهب عن مالك رضي الله عنه أنه ظهار فقط فيهما ، وأن المدونة مؤولة عند ابن رشد برواية عيسى عن ابن القاسم ، وعند بعض الشيوخ برواية أشهب عن مالك رضي الله عنه وبه يظهر أن ما يوهمه كلام ضيح من أن التأويلين في الفتوى دون القضاء ، وكلامه في المختصر من أنهما في القضاء دون الفتوى ليس على ما ينبغي ا هـ . وقد أطال الحط في بيان ذلك ، له وأصلح عبارة المصنف بقوله وهل ينصرف الطلاق فيؤخذ بهما مع النية في القضاء أو لا يؤخذ إلا بالظهار مطلقا تأويلان . وأصلحها ابن عاشر بقوله : ولا ينصرف للطلاق . وتؤولت بالانصراف لكن يؤخذ بهما في القضاء . ا هـ . وهذا أحسن لإفادته أن عدم الانصراف مطلقا أرجح وقد نقل في ضيح عن المازري [ ص: 229 ] أنه المشهور ، وكذا قال أبو إبراهيم الأعرج : المشهور في المذهب أن صريح الظهار لا ينصرف إلى الطلاق ، وأن كل كلام له حكم في نفسه لا يصح أن يضمر به غيره كالطلاق ، فإنه لو أضمر به غيره لم يصح ولم يخرج عن الطلاق ا هـ .

ونقله أبو الحسن عن ابن محرز وزاد عنه وكذا لو حلف بالله وقال : أردت به طلاقا أو ظهارا فلا يلزمه إلا ما حلف به وهي اليمين بالله تعالى .

وشبه في التأويلين لا بقيد قيام البينة كما في ضيح أو مع قيامها كما في تت فقال ( ك ) قوله لزوجته : ( أنت حرام ) علي ( كظهر أمي أو ) أنت حرام علي ( كأمي ) فهل يؤخذ بالطلاق مع الظهار إذا نوى به الطلاق فقط ، أو يؤخذ بالظهار فقط ( تأويلان ) حذفه من الأول لدلالة هذا عليه ، وقوله أو كأمي ليس من الصريح لعدم اشتماله على الظهر . فإن لم ينو به الطلاق بأن نوى به الظهار فقط أو لم ينو شيئا فظهار فقط باتفاق . وظاهر كلامه أنه إذا نواهما لزمه الطلاق في الفتيا والقضاء ونحوه لابن الحاجب وابن شاس بناء على التشبيه في القول الأول لا بقيد القيام .

فإن قلت ما وجه لزوم الظهار مع أنه قدم أنت حرام وسيقول وسقط أي الظهار إن تعلق ولم يتنجز بالطلاق الثلاث أو تأخر كأنت طالق ثلاثا وأنت علي كظهر أمي . ا هـ . والمقصود منه قوله أو تأخر إلخ . قلت الفرق بينهما أنه عطف الظهار على الطلاق في الآتي فلم يجد الظهار محلا ، ولم يعطف هنا ، وجعل كظهر أمي أو كأمي قيدا فيما قبله وبيانا لوجه التحريم . قال في المدونة لأنه جعل للعوام مخرجا حيث قال مثل أمي ا هـ عب . البناني قوله وشبه في التأويلين . . . إلخ هو الصواب ، وبه قرره الحط قائلا ، وقد صرح ابن رشد بجريان التأويلين فيهما ، ثم قال لم يذكر في المدونة أنت حرام كظهر أمي ، ولكنه يؤخذ حكمه من أنت حرام . كأمي من باب أحرى ، وقرره س وتبعه خش على أنه تشبيه في التأويل الأول فقط فيؤخذ بهما معا إذا نواهما ، فإن نوى أحدهما لزمه ما نواه فقط وإن لم تكن له نية لزمه الظهار وأصله لابن الحاجب وابن شاس ، وتعقبه في ضيح انظر الحط .




الخدمات العلمية