الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          1721 حدثنا محمد بن بشار حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي عن قتادة عن الشعبي عن سويد بن غفلة عن عمر أنه خطب بالجابية فقال نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن الحرير إلا موضع أصبعين أو ثلاث أو أربع قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن سويد بن غفلة ) بفتح المعجمة والفاء كنيته أبو أمية الجعفي مخضرم من كبار التابعين ، قدم المدينة يوم دفن النبي صلى الله عليه وسلم وكان مسلما في حياته ثم نزل الكوفة ومات سنة ثمانين وله مائة وثلاثون سنة كذا في التقريب .

                                                                                                          قوله ( بالجابية ) بالجيم وكسر الموحدة مدينة بالشام إلا موضع ( أصبعين ) أي مقدار أصبعين ( أو ثلاث أو أربع ) أو هاهنا للتنويع والتخيير ، وفيه دلالة على إباحة العلم من الحرير في الثوب إذا لم يزد على أربع أصابع وعليه الجمهور . قال قاضي خان : روى بشر عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه لا بأس بالعلم من الحرير في الثوب إذا كان أربع أصابع أو دونها ولم يحك فيها [ ص: 315 ] خلافا ، كذا قال القاري في المرقاة . وقال النووي في شرح مسلم : في هذه الرواية إباحة العلم من الحرير في الثوب إذا لم يزد على أربع أصابع وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور . وعن مالك رواية بمنعه ، وعن بعض أصحابه رواية بإباحة العلم بلا تقدير بأربع أصابع بل قال يجوز وإن عظم ، وهذان القولان مردودان بهذا الحديث الصريح والله تعالى أعلم انتهى . وقال الحافظ في فتح الباري : وفيه حجة لمن أجاز لبس العلم من الحرير إذا كان في الثوب وخصه بالقدر المذكور ، وهو أربع أصابع . وهذا هو الأصح عند الشافعية ، وفيه حجة على من أجاز العلم في الثوب مطلقا ولو زاد على أربعة أصابع ، وهو منقول عن بعض المالكية ، وفيه حجة على من منع العلم في الثوب مطلقا ، وهو ثابت عن الحسن وابن سيرين وغيرهما ، ولكن يحتمل أن يكونوا منعوه ورعا وإلا فالحديث حجة عليهم فلعلهم لم يبلغهم انتهى .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه مسلم . قال النووي : هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم وقال : لم يرفعه عن الشعبي إلا قتادة وهو مدلس ، ورواه شعبة عن أبي السفر عن الشعبي من قول عمر موقوفا ، ورواه بيان وداود بن أبي هند عن الشعبي عن سويد عن عمر موقوفا عليه ، وكذا قال شعبة عن الحكم عن خيثمة عن سويد ، وقاله ابن عبد الأعلى عن سويد وأبو حصين عن إبراهيم عن سويد ، هذا كلام الدارقطني ، وهذه الزيادة في هذه الرواية انفرد بها مسلم لم يذكرها البخاري ، وقد قدمنا أن الثقة إذا انفرد برفع ما وقفه الأكثرون كان الحكم لروايته وحكم بأنه مرفوع على الصحيح الذي عليه الفقهاء والأصوليون ومحققو المحدثين ، وهذا من ذاك والله أعلم انتهى .

                                                                                                          قلت : لم يجب النووي عن تدليس قتادة إلا أنه قال في مقدمة شرحه : اعلم أن ما في الصحيحين عن المدلسين بعن ونحوها فمحمول على ثبوت السماع من جهة أخرى ، وقد جاء كثير منه في الصحيحين بالطريقين جميعا ، فيذكر رواية المدلس بعن ثم يذكرها بالسماع ويقصد به هذا المعنى الذي ذكرته انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية