الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإن حلف لا يتزوج امرأة فأمر غيره فزوجه حنث ; لأن حقوق العقد في النكاح تتعلق بالآمر دون العاقد ، ولأن الوكيل لا يضيف العقد إلى نفسه ، وإنما يضيف إلى الموكل فكان بمنزلة الرسول ، وكذلك إن زوجه بغير أمره فأجازه بالقول حنث ; لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء وعن محمد رحمه الله تعالى أنه لا يحنث ; لأن في أصل العقد العاقد ليس [ ص: 10 ] بمعبر عنه إذا لم يكن مأمورا به من جهته والإجازة ليست بعقد ، ألا ترى أن ما هو شرط النكاح وهو الشهود لا يشترط عند الإجازة ؟ فلهذا لا يحنث وفي الإجازة بالفعل اختلاف المشايخ ( قال ) رضي الله عنه : والأصح عندي أنه لا يحنث ; لأن عقد النكاح يختص بالقول حتى لا ينعقد بالفعل بحال ولا يمكن أن يجعل المجيز بالفعل عاقدا حقيقة ولا حكما إنما يكون راضيا وشرط حنثه العقد دون الرضا .

وإن قال : كل امرأة أتزوجها فهي طالق إن كلمت فلانا فتزوج امرأة قبل الكلام وأخرى بعده تطلق التي تزوج قبل الكلام خاصة ; لما بينا أن التزوج شرط ، والطلاق جزاء معلق بالكلام ، وذلك يتحقق في التي تزوجها قبل الكلام دون التي يتزوجها بعد الكلام ; لأنها لو طلقت بنفس التزوج ، وذلك لم يكن جزاء شرطه وفيه اختلاف زفر رحمه الله تعالى ، وقد بيناه في الجامع ، وبينا هناك الفرق بين ما إذا وقت يمينه فقال : إلى ثلاثين سنة وبين ما إذا لم يوقت وبين ما إذا قدم الشرط ، أو أخر وقال : إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها فهي طالق ، فإنما تطلق بهذا اللفظ التي تزوجها بعد الكلام وقت يمينه أو لم يوقت .

وإذا حلف لا يبيع لرجل شيئا قد سماه بعينه فباعه لآخر طلبه إليه لم يحنث ، وكذلك الشراء ; لأن معنى قوله : لا أبيع لفلان أي لأجل فلان ، وما باع لأجله حين أمره به غيره ، وإنما باعه لأجل من أمر به ، بخلاف ما لو قال : لا أبيع ثوبا لفلان ; لأن معنى هذا الكلام لا أبيع ثوبا هو مملوك لفلان وقد وجد ذلك وإن أمره به غيره وإيضاح هذا الفرق في الجامع .

التالي السابق


الخدمات العلمية