الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الصفرة والكدرة بعد العادة

                                                                                                                                            374 - ( عن { أم عطية قالت : كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا } رواه أبو داود والبخاري لا يذكر بعد الطهر ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه أيضا الحاكم ، وأخرجه الإسماعيلي في مستخرجه بلفظ : " كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئا " يعني في الحيض . وللدارمي " بعد الغسل " قال الحافظ : ووقع في النهاية والوسيط زيادة في هذا " وراء العادة " وهي زيادة باطلة . وأما ما روي من حديث عائشة بلفظ : { كنا نعد الصفرة والكدرة حيضا } فقال النووي في شرح المهذب : لا أعلم من رواه بهذا اللفظ .

                                                                                                                                            والحديث يدل على أن الصفرة والكدرة بعد الطهر ليستا من الحيض وأما في وقت الحيض فهما حيض ، وقد نسب القول بذلك في البحر إلى زيد بن علي والهادي والمؤيد بالله وأبي طالب وأبي حنيفة ومحمد ومالك والليث والعنبري .

                                                                                                                                            وفي رواية عن القاسم وعن الناصر وعن الشافعي قال في البحر مستدلا لهم إذ هو أذى ، ولقوله - تعالى - : { حتى يطهرن } ولقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة : { إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقيت فصلي } وفي رواية عن القاسم ليس حيضا إذا توسطه الأسود ، لحديث { إذا رأيت الدم الأسود فأمسكي عن الصلاة ، حتى إذا كان الصفرة فتوضئي وصلي } ولحديث الباب ; وعورضا بقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : { لا تصلي حتى تري القصة البيضاء } .

                                                                                                                                            وقوله : { كنا لا نعد الكدرة والصفرة في أيام الحيض حيضا } ولكونهما أذى خرج من الرحم فأشبه الدم .

                                                                                                                                            وفي رواية عن الناصر والشافعي ، وهو مروي عن أبي يوسف أنهما حيض بعد الدم لأنهما من آثاره لا قبله . ورد بأن الفرق تحكم ، وفي رواية عن الشافعي : إن رأتهما في العادة فحيض وإلا فلا ، هذا حاصل ما في البحر . وحديث الباب إن كان له حكم الرفع كما قال البخاري وغيره من أئمة الحديث : إن المراد كنا في زمانه صلى الله عليه وسلم مع علمه [ ص: 341 ] فيكون تقريرا منه .

                                                                                                                                            ويدلك بمنطوقه أنه لا حكم للكدرة والصفرة بعد الطهر ، وبمفهومه أنهما وقت الحيض حيض كما ذهب إليه الجمهور .

                                                                                                                                            375 - ( وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال : في المرأة التي ترى ما يريبها بعد الطهر إنما هو عرق ، أو قال عروق } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ) . الحديث إسناده في سنن ابن ماجه هكذا : حدثنا محمد بن يحيى عن عبيد الله بن موسى عن شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أم بكر عن عائشة ، وأم بكر لا يعرف حالها ، وبقية الإسناد ثقات . والحديث حسنه المنذري وهو من الأدلة الدالة على عدم الاعتبار بما ترى المرأة بعد الطهر ، وقد تقدم الخلاف فيه قوله : ( يريبها ) بفتح الياء : أي تشك فيه هل هو حيض أم لا ؟ يقال رابني الشيء يريبني : إذا شككت فيه . .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية