الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويكره أن يبتدئ الرجل أباه من المشركين فيقتله ) لقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } ولأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق فيناقضه الإطلاق في إفنائه ( فإن أدركه امتنع عليه حتى يقتله غيره ) لأن المقصود يحصل بغيره من غير اقتحامه المأثم ، وإن قصد الأب قتله بحيث لا يمكنه دفعه إلا بقتله لا بأس به ; لأن مقصوده الدفع ، ألا ترى أنه لو شهر الأب المسلم سيفه على ابنه ولا يمكنه دفعه إلا بقتله يقتله لما بينا فهذا أولى ، والله تعالى أعلم بالصواب .

التالي السابق


( قوله : ويكره أن يبتدئ الرجل أباه من المشركين ) أو جده أو أمه إذا قاتلت أو جدته ( بالقتل لقوله تعالى { وصاحبهما في الدنيا معروفا } ) نزلت في الأبوين ولو مشركين لقوله تعالى { وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم } الآية ( ولأنه يجب عليه الإنفاق لإحيائه فيناقضه الإطلاق في إفنائه ، فإن أدركه ) أي أدرك الأب الابن ليقتله والابن قادر على قتله ( امتنع ) الابن ( على الأب ) بغير القتل بل يشغله بالمحاولة بأن يعرقب فرسه أو يطرحه عن فرسه ويلجئه إلى مكان ، ولا ينبغي أن ينصرف عنه ويتركه ; لأنه يصير حربا علينا بل يلجئه إلى أن يفعل ما ذكرنا ولا يدعه أن يهرب إلى أن يجيء من يقتله ، فأما إن لم يتمكن الابن من دفعه عن نفسه إلا بالقتل فليقتله ، لأنه لو كان مسلما أراد قتل ابنه ولا يتمكن من التخلص منه إلا بقتله كان له قتله لتعينه طريقا لدفع شره فهنا أولى ، ولو كان في سفر وعطشا ومع الابن ماء يكفي لنجاة أحدهما كان للابن شربه ولو كان الأب يموت ، وينبغي أنه لو سمع أباه المشرك يذكر الله أو رسوله بسوء يكون له قتله لما روي { أن أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه حين سمعه يسب النبي صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك } . ولا يكره للأب قتل ابنه المشرك ، وكذا سائر القرابات عندنا كالعم والخال يباح قتلهم ، ولا مناقضة [ ص: 455 ] لأن نفقة ذوي الأرحام عندنا لا تجب إلا للمسلمين منهم ، بخلاف القرابات البغاة يكره أن يبتدئهم كالأب ، وأما في الرجم إذا كان الابن أحد الشهود فيبتدئ بالرجم ولا يقصد قتله بأن يرميه مثلا بحصاة ، والله الموفق .




الخدمات العلمية