الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          323 - مسألة : ولا يجوز أن يؤذن ويقيم إلا رجل بالغ عاقل مسلم مؤد لألفاظ الأذان والإقامة حسب طاقته ، ولا يجزئ أذان من لا يعقل حين أذانه لسكر أو نحو ذلك ; فإذا أذن البالغ لم يمنع من لم يبلغ من الأذان بعده ; ويجزئ أذان الفاسق ; والعدل أحب إلينا ; والصيت أفضل .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : أن النساء لم يخاطبن بالأذان للرجال ; لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم أو أكثركم قرآنا } فإنما أمر بالأذان من ألزم الصلاة في جماعة وهم الرجال فقط ; لا النساء على ما ذكرنا قبل ؟ والصبي ، والمجنون ، والذاهب العقل بسكر : غير مخاطبين في هذه الأحوال ; وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { رفع القلم عن ثلاثة فذكر الصبي ، والمجنون ، والنائم - } والأذان مأمور به كما ذكرنا ; فلا يجزئ أداؤه إلا من مخاطب به بنية أدائه ما أمر به ، وغير الفرض لا يجزئ عن الفرض فإن قيل : فإنكم تجيزون لمن أذن لأهل مسجد أن يؤذن لأهل مسجد آخر في تلك [ ص: 179 ] الصلاة نفسها ; وهذا تطوع منه ؟ قلنا : نعم ، وهو ، وإن كان تطوعا منه ، فهو من أحدهم المأمورين بإقامة الأذان والإمامة والإقامة لمن معه ، فهو في ذلك كله مؤدي فرض ، وإذا تأدى الفرض ; فالأذان : فعل خير لا يمنع الصبيان منه ; لأنه ذكر لله تعالى وتطوع وبر ؟ ، وأما الكافر فليس أحدنا ولا مؤمنا ، وإنما ألزمنا أن يؤذن لنا أحدنا .

                                                                                                                                                                                          وأما من لم يؤد ألفاظ الأذان متعمدا فلم يؤذن كما أمر ، ولا أتى بألفاظ الأذان التي أمر بها ; فهذا لم يؤذن أصلا فإن لم يقدر على أكثر من ذلك للثغة أو لكنة أجزأ أذانه ; لقول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } فهذا غير مكلف إلا ما قدر عليه فقط ، وسواء كان هنالك من يؤدي ألفاظ الأذان أو لم يكن ، وكان أفضل لو أذن المحسن ؟ .

                                                                                                                                                                                          وأما الفاسق فإنه أحدنا بلا شك ; لأنه مسلم ، فهو داخل تحت قوله عليه السلام : { ليؤذن لكم أحدكم } ولا خلاف في اختيار العدل ، وأما الصيت ; فلأن الأذان أمر بالمجيء إلى الصلاة ; فإسماع المأمورين أولى ; ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي محذورة { ارجع فارفع صوتك } وهذا أمر برفع الصوت ; فلو تعمد المؤذن أن لا يرفع صوته لم يجزه أذانه ، وإن لم يقدر على أكثر إلا بمشقة لم يلزمه ; لقول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } .

                                                                                                                                                                                          وقال عليه السلام ما قد ذكرنا بإسناده ، { إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين } فالاجتهاد في طرد الشيطان فعل حسن - ، وبالله تعالى التوفيق ؟ .

                                                                                                                                                                                          وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم : { لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جان ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة } رويناه من طريق مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني الأنصاري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري مسندا - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية