الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والمنعلين ) بسكون النون : ما جعل على أسفله جلدة ( والمجلدين مرة ولو امرأة ) أو خنثى ( ملبوسين على طهر ) فلو أحدث ومسح بخفيه أو لم يمسح فلبس موقه لا يمسح عليه ( تام ) [ ص: 271 ] خرج الناقص حقيقة كلمعة ، أو معنى كتيمم ومعذور فإنه يمسح في الوقت فقط إلا إذا توضأ ولبس على الانقطاع الصحيح ( عند الحدث )

التالي السابق


( قوله بسكون النون ) أي من باب الأفعال من أفعل ، لكن صرح في القاموس بمجيئه من باب التفعيل ، فقول الصحاح يقال أنعلت خفي و دابتي ولا تقل نعلت أي بالتخفيف بل يقال بالتشديد فيكون من باب التفعيل على وفق ما في القاموس ، وحينئذ فلا منافاة ، وقول المغرب أنعل الخف ونعله أي بالتشديد فلا منافاة أيضا ، خلافا لما في النهر فافهم ( قوله ما جعل على أسفله جلدة ) أي كالنعل للقدم ، وهذا ظاهر الرواية ، وفي رواية الحسن ما يكون إلى الكعب ابن كمال ( قوله والمجلدين ) المجلد ما جعل الجلد على أعلاه وأسفله ابن كمال .

[ تنبيه ] ما ذكره المصنف من جوازه على المجلد والمنعل متفق عليه عندنا ، أما الثخين فهو قولهما . وعنه أنه رجع إليه وعليه الفتوى ، كذا في الهداية وأكثر الكتب بحر . هذا وفي حاشية أخي جلبي على صدر الشريعة أن التقييد بالثخين مخرج لغير الثخين ولو مجلدا ، ولم يتعرض له أحد .

قال : والذي تلخص عندي أنه لا يجوز المسح عليه إذا جلد أسفله فقط أو مع مواضع الأصابع بحيث يكون محل الفرض الذي هو ظهر القدم خاليا عن الجلد بالكلية ; لأن منشأ الاختلاف بين الإمام وصاحبيه اكتفاؤهما بمجرد الثخانة وعدم اكتفائه بها ، بل لا بد عنده مع الثخانة من النعل أو الجلد ا هـ وقد أطال في ذلك .

أقول : بل هو مأخوذ من كلام المصنف ، وكذا من قول الكنز وغيره ; وعلى الجورب المجلد والمنعل والثخين فإن مفاده أن المجلد لا يتقيد بالثخانة ، وقدمنا عن شرح المنية أنه لا يشترط استيعاب الجلد جميع ما يستر القدم على خلاف ما يزعمه بعض الناس وقال في شرح المنية أيضا : صرح في الخلاصة بجواز المسح على المجلد من الكرباس . ا هـ . ويؤخذ من هذا ومما قبله أنه لو كان محل المسح وهو ظهر القدم مجلدا مع أسفله أنه يجوز المسح عليه كما قدمناه عن سيدي عبد الغني في الخف الحنفي المخيط بالشخشير . ولا يعكر عليه اشتراطهم أن يثبت على الساق بنفسه ; لأن ذاك في الجورب الثخين الغير المجلد والمنعل كما في النهر وغيره ( قوله مرة ) قيد للمسح المفهوم ، فلا يسن تكراره كمسح الرأس بحر ( قوله ولو امرأة ) تعميم لقوله لمحدث أو لفاعل يبدأ ( قوله ملبوسين ) حال من قوله خفيه وما عطف عليه ط ( قوله لا يمسح عليه ) ; لأنه لم يلبس على طهارة ، فعليه أن يمسح على الخف لاستقرار [ ص: 271 ] حكم المسح عليه كما قدمناه ( قوله خرج الناقص ) أقول : وخرج أيضا ما لو توضأ الجنب ثم تخفف ثم أحدث ثم غسل باقي بدنه لا يمسح . أما على الصحيح من عدم تجزي الحدث ثبوتا وزوالا فظاهر . وأما على مقابله فلعدم التمام ، ولم أر من تعرض لهذه المسألة من أئمتنا تأمل ، وتعلم بالأولى من قوله كلمعة ( قوله كلمعة ) يعني كطهر بقيت فيه لمعة من الأعضاء لم يصبها الماء قبل لبس الخف ( قوله كتيمم ) أي إن اللبس لو كان بعد التيمم فوجد بعده الماء بل على الخف بل يجب الغسل ( قوله ومعذور ) أي وطهر معذور ، فهو على تقدير مضاف ( قوله فإنه إلخ ) الضمير للمعذور ، وهذا بيان لوجه كون طهره ناقصا .

ثم إنه لا يخلو إما أن يكون العذر منقطعا وقت الوضوء واللبس معا أو موجودا فيهما ; أو منقطعا وقت الوضوء موجودا وقت اللبس أو بالعكس فهي رباعية ; ففي الأول حكمه كالأصحاء لوجود اللبس على طهارة كاملة فمنع سراية الحدث للقدمين ; وفي الثلاثة الباقية يمسح في الوقت فقط ، فإذا خرج نزع وغسل كما في البحر ; لكن ما ذكره من نقصان طهارة التيمم والمعذور تبع فيه الزيلعي . قال في النهر : وعورض بأنه لا نقص فيهما ما بقي شرطهما ، وإنما لم يمسح المتيمم بعد رؤية الماء والمعذور بعد الوقت لظهور الحدث السابق حينئذ على القدم ، والمسح إنما يزيل ما حل بالمسموح لا بالقدم ، ولذا جوزنا لذي العذر المسح في الوقت كلما توضأ لحدث غير الذي ابتلي به إذا كان السيلان مقارنا للوضوء واللبس ( قوله عند الحدث ) متعلق بقوله تام ; فيعتبر كون الطهر تاما وقت نزول الحدث ; لأن الخف يمنع سراية الحدث إلى القدم ، فيعتبر تمام الطهر وقت المنع لا وقت اللبس خلافا للشافعي




الخدمات العلمية