الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما [كان] شرط صدقهم ، بين كذبهم على تقدير عدم الجزاء فقال : فإن لم يستجيبوا [أي : الكفار الطالبون للأهدى في الإتيان به] ، ولما كانت الاستجابة تتعدى بنفسها إلى الدعاء ، وباللام إلى الداعي ، وكان ذكر الداعي أدل على الاعتناء به والنظر إليه ، قال [ ص: 312 ] [مفردا لضميره صلى الله عليه وسلم لأنه لا يفهم المقايسة في الأهدوية غيره] : لك أي : يطلبوا الإجابة ويوجدوها في الإيمان أو الإتيان بما ذكرته لهم ودعوتهم إليه مما هو أهدى ، من القرآن والتوراة ليظهر صدقهم فاعلم أنت أنما يتبعون أي : بغاية جهدهم فيما هم عليه من الكفر والتكذيب أهواءهم أي : دائما ، وأكثر الهوى مخالف للهدى فهم ظالمون غير مهتدين ، بل هم أضل الناس ، وذلك معنى قوله : ومن أضل أي : منهم ، ولكنه قال : ممن اتبع أي : بغاية جهده هواه تعليقا للحكم بالوصف; والتقييد وبقوله : بغير هدى أي : بيان وإرشاد من الله أي : الملك الأعلى الذي له جميع صفات الكمال دليل على أن الهوى قد يوافق الهدى ، والتعبير بالافتعال دليل على أن التابع وإن كان ظالما قد لا يكون أظلم.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانت متابعة الهوى على هذه الصورة ظلما ، وصل به قوله مظهرا لئلا يدعى التخصيص بهم : إن الله أي : الملك الأعظم الذي لا راد لأمره لا يهدي وأظهر موضع الإضمار للتعميم فقال : القوم الظالمين أي : وإن كانوا أقوى الناس لاتباعهم أهواءهم ، فالآية من الاحتباك : أثبت أولا اتباع الهوى دليلا على حذفه ثانيا ، وثانيا الظلم دليلا على حذفه أولا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية