الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ( 77 ) ) .

قوله تعالى : ( وولدا ) : يقرأ بفتح الواو واللام وهو واحد . وقيل : يكون جمعا أيضا . ويقرأ بضم الواو وسكون اللام ; وهو جمع ولد ، مثل أسد وأسد . وقيل : يكون واحدا أيضا . وهي لغة ، والكسر لغة أخرى .

قال تعالى : ( أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا ( 78 ) ) .

قوله تعالى : ( أطلع ) : الهمزة همزة استفهام ; لأنها مقابلة لأم ، وهمزة الوصل محذوفة لقيام همزة الاستفهام مقامها .

ويقرأ بالكسر على أنها همزة وصل ، وحرف الاستفهام محذوف لدلالة أم عليه .

قال تعالى : ( كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ( 79 ) ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ( 80 ) واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا ( 81 ) كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ( 82 ) ) .

قوله تعالى : ( كلا ) : يقرأ بفتح الكاف من غير تنوين ، وهي حرف معناه الزجر عن قول منكر يتقدمها . وقيل : هي بمعنى حقا .

ويقرأ بالتنوين ، وفيه وجهان ; أحدهما : هي مصدر كل ; أي أعيا ; أي كلوا في دعواهم وانقطعوا . والثاني : هي بمعنى الثقل ; أي حملوا كلا .

ويقرأ بضم الكاف والتنوين ; وهو حال ; أي سيكفرون جميعا ; وفيه بعد .

( بعبادتهم ) : المصدر مضاف إلى الفاعل ; أي سيكفر المشركون بعبادتهم الأصنام .

وقيل : هو مضاف إلى المفعول ; أي سيكفر المشركون بعبادة الأصنام .

وقيل : سيكفر الشياطين بعبادة المشركين إياهم .

و ( ضدا ) : واحد في معنى الجمع . والمعنى : أن جميعهم في حكم واحد ; لأنهم متفقون على الإضلال .

قوله تعالى : ( ونرثه ما يقول ) : في " ما " وجهان ; أحدهما : هو بدل من الهاء ; وهو بدل الاشتمال ; أي نرث قوله . والثاني : هو مفعول به ; أي نرث منه قوله .

[ ص: 177 ] قال تعالى : ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ( 85 ) ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ( 86 ) لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ( 87 ) ) .

قوله تعالى : ( يوم نحشر ) : العامل فيه " لا يملكون " وقيل : " نعد لهم " .

وقيل تقديره : اذكر .

و ( وفدا ) : جمع وافد ، مثل راكب وركب ، وصاحب وصحب . والورد : اسم لجمع وارد . وقيل : هو بمعنى وارد ، والورد العطاش . وقيل : هو محذوف من وراد ، وهو بعيد . ( لا يملكون ) : حال و ( إلا من اتخذ ) : في موضع نصب على الاستثناء المنقطع . وقيل : هو متصل على أن يكون الضمير في " يملكون " للمتقين والمجرمين . وقيل : هو في موضع رفع بدلا من الضمير في " يملكون " .

قال تعالى : ( لقد جئتم شيئا إدا ( 89 ) ) .

قوله تعالى : ( شيئا إدا ) : الجمهور على كسر الهمزة ; وهو العظيم .

ويقرأ شاذا بفتحها على أنه مصدر أد يؤد ، إذا جاءك بداهية ; أي شيئا ذا أد ، وجعله نفس الداهية على التعظيم .

قال تعالى : ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا ( 90 ) ) .

قوله تعالى : ( يتفطرن ) : يقرأ بالياء والنون ، وهو مطاوع فطر بالتخفيف . ويقرأ بالتاء والتشديد ، وهو مطاوع فطر بالتشديد ، وهو هنا أشبه بالمعنى .

و ( هدا ) : مصدر على المعنى ; لأن تخر بمعنى تهد . وقيل : هو حال .

قال تعالى : ( أن دعوا للرحمن ولدا ( 91 ) ) .

قوله تعالى : ( أن دعوا للرحمن ) : فيه ثلاثة أوجه ; أحدها : هو في موضع نصب ; لأنه مفعول له . والثاني : في موضع جر على تقدير اللام . والثالث : في موضع رفع ; أي الموجب لذلك دعاؤهم .

[ ص: 178 ] قال تعالى : ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ( 93 ) ) .

قوله تعالى : ( من ) : نكرة موصوفة ; و " في السماوات " : صفتها ، و " إلا آتي " خبر " كل " ووحد " آتي " حملا على لفظ كل ، وقد جمع في موضع آخر حملا على معناها ، ومن الإفراد : ( وكلهم آتيه ) [ مريم : 95 ] .

قال تعالى : ( فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا ( 97 ) ) .

قوله تعالى : ( بلسانك ) : قيل : الباء بمعنى على . وقيل : هي على أصلها ; أي أنزلناه بلغتك ، فيكون حالا .

التالي السابق


الخدمات العلمية