الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر حال أهله وأولاده بعده

لما مات صلاح الدين بدمشق كان معه بها ولده الأكبر الأفضل نور الدين علي ، وكان قد حلف له العساكر جميعها ، غير مرة في حياته ، فلما مات ملك دمشق ، والساحل ، والبيت المقدس وبعلبك ، وصرخد ، وبصرى وبانياس . وهونين وتبنين . وجميع الأعمال إلى الداروم .

وكان ولده الملك العزيز عثمان بمصر ، فاستولى عليها واستقر ملكه بها .

وكان ولده الظاهر غازي بحلب فاستولى عليها ، وعلى جميع أعمالها مثل : حارم ، وتل باشر ، وإعزاز وبرزية ، ودرب ساك ، ومنبج وغير ذلك .

وكان بحماة محمود بن تقي الدين عمر فأطاعه وصار معه .

وكان بحمص شيركوه بن محمد بن شيركوه ، فأطاع الملك الأفضل .

وكان الملك العادل بالكرك قد سار إليه ، كما ذكرنا ، فامتنع فيه ولم يحضر عند أحد من أولاد أخيه ، فأرسل إليه الملك الأفضل يستدعيه ليحضر عنده فوعده ولم يفعل ، فأعاد مراسلته وخوفه من الملك العزيز صاحب مصر ، ومن أتابك عز الدين . صاحب الموصل ، فإنه كان قد سار عنها إلى بلاد العادل الجزرية على ما نذكره .

ويقول له : إن حضرت جهزت العساكر وسرت إلى بلادك فحفظتها ، وإن أقمت قصدك أخي الملك العزيز لما بينكما من العداوة ، وإذا ملك عز الدين بلادك فليس له دون الشام مانع .

وقال لرسوله : إن حضر معك وإلا فقل له قد أمرني : إن سرت إليه بدمشق عدت معك ، وإن لم تفعل أسير إلى الملك العزيز أحالفه على ما يختار .

فلما حضر الرسول عنده وعده بالمجيء ، فلما رأى أن ليس معه منه غير الوعد أبلغه ما قيل له في معنى موافقة العزيز ، فحينئذ سار إلى دمشق ، وجهز الأفضل معه عسكرا من عنده ، وأرسل إلى صاحب حمص ، وصاحب حماة ، وإلى أخيه الملك الظاهر بحلب ، يحثهم على إنفاذ العساكر مع العادل إلى البلاد الجزرية ليمنعها من صاحب الموصل ، ويخوفهم إن هم لم يفعلوا .

ومما قال لأخيه الظاهر : قد عرفت صحبة أهل الشام لبيت أتابك ، فوالله لئن [ ص: 121 ] ملك عز الدين حران ليقومن أهل حلب عليك ولتخرجن منها وأنت لا تعقل ، وكذلك يفعل بي أهل دمشق .

فاتفقت كلمتهم على تسيير العساكر معه ، فجهزوا عساكرهم وسيروها إلى العادل وقد عبر الفرات ، فعسكرت عساكرهم بنواحي الرها بمرج الريحان ، وسنذكر ما كان منه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية