الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3913 ) فصل : وإذا انتفع بها ، وردها على صفتها ، فلا شيء عليه ; لأن المنافع مأذون في إتلافها ، فلا يجب عوضها . وإن تلف شيء من أجزائها التي لا تذهب بالاستعمال ، فعليه ضمانها ; لأن ما ضمن جملته ضمنت أجزاؤه ، كالمغصوب . وأما أجزاؤها التي تذهب بالاستعمال ، كحمل المنشفة والقطيفة ، وخف الثوب يلبسه ، ففيه وجهان ; أحدهما ، يجب ضمانه ; لأنها أجزاء عين مضمونة ، فكانت مضمونة ، كما لو كانت مغصوبة ، ولأنها أجزاء يجب ضمانها لو تلفت العين قبل استعمالها ، فتضمن إذا تلفت وحدها ، كسائر الأجزاء .

                                                                                                                                            والثاني ، لا يضمنها . وهو قول الشافعي لأن الإذن في الاستعمال تضمنه ، فلا يجب ضمانه ، كالمنافع ، وكما لو أذن في إتلافها صريحا . وفارق ما إذا تلفت العين قبل استعمالها ; لأنه لا يمكن تمييزها من العين ، ولأنه إنما أذن في إتلافها على وجه الانتفاع ، فإذا تلفت قبل ذلك فقد تلفت على غير الوجه الذي أذن فيه ، فضمنها ، كما لو أجر العين المستعارة ، فإنه يضمن منافعها .

                                                                                                                                            فإذا قلنا : لا يضمن الأجزاء . فتلفت العين بعد ذهابها بالاستعمال ، فإنها تقوم حال التلف ; لأن الأجزاء التالفة تلفت غير مضمونة ، لكونها مأذونا في إتلافها ، فلا يجوز تقويمها عليه . وإن قلنا : يجب ضمان الأجزاء . قومت العين قبل تلف أجزائها . وإن تلفت العين قبل ذهاب أجزائها . ضمنها كلها بأجزائها .

                                                                                                                                            وكذلك لو تلفت الأجزاء باستعمال غير مأذون فيه ، مثل أن يعيره ثوبا ليلبسه ، فحمل فيه ترابا ، فإنه يضمن نقصه ومنافعه ; لأنه تلف بتعديه . وإن تلف بغير تعد منه ولا استعمال ، كتلفها لطول الزمان عليها [ ص: 130 ] ووقوع نار عليها ، فينبغي أن يضمن ما تلف منها بالنار ونحوها ; لأنه تلف لم يتضمنه الاستعمال المأذون فيه ، فأشبه تلفها بفعل غير مأذون فيه . وما تلف بمرور الزمان عليه ، يكون حكمه حكم ما تلف بالاستعمال ; لأنه تلف بالإمساك المأذون فيه ، فأشبه تلفه بالفعل المأذون فيه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية