الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                الحديث الثاني:

                                355 362 - حدثنا مسدد، ثنا يحيى، عن سفيان: ثنا أبو حازم سلمة بن دينار ، عن سهل، قال: كان رجال يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم عاقدي أزرهم على أعناقهم كهيئة الصبيان. وقال للنساء: " لا ترفعن رءوسكن حتى يستوي الرجال جلوسا " .

                                التالي السابق


                                في هذا الحديث من الفقه: أن الإزار الضيق يعقد على القفا إذا أمكن ليحصل به ستر بعض المنكبين مع العورة، ولهذا استدل به الإمام أحمد في رواية حنبل كما سبق.

                                وفيه: أن صفوف النساء كانت خلف الرجال.

                                وفيه: أن من انكشف من عورته يسير في صلاة لم تبطل صلاته.

                                وقد استدل بذلك طائفة من الفقهاء، وتوقف فيه الإمام أحمد ، وقال: ليس هو بالبين.

                                يشير إلى أنه لم يذكر فيه انكشاف العورة حقيقة، إنما فيه خشية ذلك ; وإنما ذكر حديث عمرو بن سلمة الجرمي أنه كان يصلي بقومه في بردة له صغيرة فكان إذا سجد تقلصت عنه فيبدو بعض عورته حتى قالت عجوز من ورائه: ألا تغطون عنا است قارئكم.

                                وقد خرجه البخاري في موضع آخر من " كتابه " هذا.

                                ومذهب أحمد : أنه إذا انكشفت العورة كلها أو كثير منها، ثم سترها في [ ص: 159 ] زمن يسير لم تبطل الصلاة ; وكذلك إن انكشفت منها شيء يسير، وهو ما لا يستفحش في النظر ولو طال زمنه، وإن كان كثيرا وطالت مدة انكشافه بطلت الصلاة.

                                وكذا قال الثوري : لو انكشفت عورته في صلاته لم يعد - ومراده: إذا أعاد سترها في الحال.

                                ومذهب الشافعي : أنه يعيد الصلاة بانكشافها بكل حال، وعن أحمد ما يدل عليه.

                                وعن أبي حنيفة وأصحابه: إن انكشف من المغلظة دون قدر الدرهم فلا إعادة، ومن المخففة إن انكشف دون ربعها فكذلك، ويعيد فيما زاد على ذلك.

                                ولا فرق بين العمد والسهو في ذلك عند الأكثرين.

                                وقال إسحاق : إن لم يعلم بذلك إلا بعد انقضاء صلاته لم يعد.

                                وهو الصحيح عند أصحاب مالك - أيضا.

                                وحكي عن طائفة من المالكية: أن من صلى عاريا فإنه يعيد في الوقت ولا يعيده بعده. وقالوا: ليس ستر العورة من فرائض الصلاة كالوضوء، بل هو سنة.

                                والمنصوص عن مالك : أن الحرة إذا صلت بادية الشعر أو الصدر أو ظهور القدمين أعادت في الوقت خاصة.



                                الخدمات العلمية