الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وعيب قل بدار )

                                                                                                                            ش : اعلم أن عيوب الدار ثلاثة أقسام قسم يسير لا ينقص [ ص: 435 ] من الثمن لا ترد به الدار ، ولا يرجع بقيمته ليسارته كالشرفات ، وقسم خطير يستغرق معظم الثمن ، ويخشى منه سقوطها ، فهذا ترد به ، وقسم متوسط يرجع بمنابه من الثمن كصدع في حائط فالظاهر : أن المصنف أراد المتوسط بدليل قوله : رجع بقيمته بإضافة قيمته إلى ضمير العيب القليل كما هو في أكثر النسخ كما نبه عليه ابن غازي ، ويكون قوله : كصدع جدار تشبيها له ويدخل في كلام المصنف اليسير الذي لا ينقص الثمن من باب أحرى .

                                                                                                                            قال في الشامل : واغتفر سقوط شرفة ونحوها واستحقاق حمل جذوع ، أو جدار إلا أن يشترط أربع جدران فيرجع بقيمته كاستحقاق الأقل منها ، وترد العروض بالعيب اليسير وقيل كالدور ا هـ . وقيل : إن الدار كالعروض ترد باليسير ، والفرق على المشهور بين الدور وغيرها أن اليسير فيها يصلح ويزول بحيث لا يبقى منه شيء بخلاف غيرها ، أو أنها لا تنفك عن عيب ، فلو ردت باليسير لأضر بالبائع ، وقال البرزلي : والفرق بين الدور والأصول وغيرها أن اليسير في الدور والأصول لا يعيب إلا موضعه ويتهيأ زواله ، وغيرها يعيب جميعه ، ولا يتهيأ زواله ولعبد الحق الفرق أن الدور تشترى للقنية بخلاف غيرها ، وعن ابن زرقون مسألة الدور أصل يرد إليه سائر البياعات في العيوب وسمعته يذكر التفرقة المتقدمة ، ويقول : مسألة الدور ضعيفة فلذلك احتاج الناس إلى توجيهها ا هـ . وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب لما تكلم على عيوب الدار : إنه لا يرد باليسير ، وثمرة ذلك أن العيب إذا كان يسيرا وطلب المبتاع أخذ الأرش فقال له رب الدار : رد علي داري ، وخذ مالك لم يكن له ذلك بخلاف العروض والسلع ا هـ .

                                                                                                                            وهو خلاف ما نقله ابن سلمون عن ابن الحاج ، ونصه : في أوائل البيوع في الفصل الثاني ، وفي مسائل ابن الحاج إذا كان العيب في العقار يسيرا فلا يرد به المبيع وللمبتاع الرجوع بقيمة العيب إلا أن يقول له البائع : اصرف علي ما بعت منك ، وخذ الثمن فمن حقه ذلك إلا أن يفوت المبيع ، فيكون له قيمة العيب ا هـ . ونقله البرزلي في أوائل مسائل العيوب عن ابن الحاج أيضا ، وقال بعده : قلت تخيير البائع إنما هو فيما يوجب الرد ، وأما ما لا يوجبه فمن اختار التمسك فالقول قوله إلا أن يجتمعا على الرد ا هـ .

                                                                                                                            وقال في الشامل : وجدار إلا أن يشترط أربع جدران ، ونحوه في أواخر المنتخب عن أصبغ ، وهو في سماعه من جامع البيوع بزيادة فائدة ، وهي ما إذا وجه المشتري على البائع يمينا أنه باعه الحائط هل تلزمه أم لا ؟ ، ونصه : فيمن اشترى دارا بجميع حقوقها فهدمها إلا حائطا منها منعه منه جاره ، وقال : هو لي وأقام عليه البينة ، قال : لا شيء للمشتري فيه قال السائل فإنه يقول للبائع : احلف ما بعتني هذا الحائط فيما بعتني .

                                                                                                                            قال : ليس له عليه يمين إلا أن يدعي أنه باعه ذلك الحائط بعينه وينكر ذلك البائع فله عليه اليمين .

                                                                                                                            وأما قول المشتري : اشتريت منك جميع الدار ، وهذا الحائط منها فليس عليه بذلك يمين ; لأنه إنما باعه كل حق هو للدار فهذا ليس من حقها ا هـ .

                                                                                                                            ص ( وفي قدره تردد )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة في حد الكثير بثلث الثمن ، أو ربعه ثالثها ما قيمته عشرة مثاقيل ورابعها عشرة من مائة ، وخامسها : لا حد لما به الرد إلا بما أضر لابن عبد الرحمن وعياض عن ابن عات وعن ابن القطان وابن رشد ، ونقل عياض ا هـ .

                                                                                                                            ص ( كصدع جدران لم يخف عليها منه )

                                                                                                                            ش : ظاهر قول المصنف لم يخف عليها منه أنه لو خيف [ ص: 436 ] على الحائط وحده لم ترد به .

                                                                                                                            قال في التوضيح : وبه صرح اللخمي وعياض ، وهو ظاهر المدونة خلاف ما قال عبد الحق وسيأتي لفظه ، وكلام المصنف موافق لكلام ابن الحاجب ، ونصه : وفيها في الصدع في الجدار وشبهه إن كان يخاف على الدار أن تنهدم رد به وإلا فلا .

                                                                                                                            قال في التوضيح : وظاهر قوله : إن كان يخاف على الدار أنه لو خيف على حائط لم ترد ، وبه صرح اللخمي .

                                                                                                                            عياض ، وهو ظاهر الكتاب بخلاف ما ذهب إليه عبد الحق وابن شهاب وغيرهما وتأولوا أنه إن خشي هدم الحائط من الصدع الذي فيه أنه يجب الرد ، وقد قيل : إنما يرد لخوف هدم الحائط إذا كان ينقص الدار كثيرا عياض ، وهو صحيح المعنى ، واستدل من لم ير له الرد بهدم الحائط أن الحائط لو استحق لم يكن له رد فكيف إذا كان به صدع ، وفرق الآخرون بأنه في الاستحقاق لا ضرر عليه ; لأنه أخذ قيمته بخلاف ما هاهنا فإنه يضطر إلى بنيانه والنفقة فيه ا هـ . وظاهر كلام المصنف في مختصره أنه شهر القول بعدم الرد إذا خيف على الحائط وحده ، وأما لو خيف عليها منه لردت منه ، وتأمل ما نسبه ابن الحاجب للمدونة مع قولها في كتاب التدليس بالعيوب ومن ابتاع دارا فوجد بها صدعا فأما ما يخاف منه سقوط الجدار فليرد ، وإلا فلا ا هـ . والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( أو بقطع منفعة )

                                                                                                                            ش : أكثر النسخ على أنه مصدر ويقع في بعض النسخ بالياء المثناة من تحت في أوله مضارع قطع فعلى هذا يكون فيه ضمير يعود على الجدار والله أعلم .

                                                                                                                            ص أو ( ملح بئرها بمحل الحلاوة )

                                                                                                                            ش : يقع في بعض النسخ ، أو ملح بئرها بعطف ملح بأو ، وفي بعض النسخ كملح بكاف التشبيه .

                                                                                                                            وعلى النسخة الأولى فالظاهر أنه مستغنى بقطع المنفعة المتقدم ذكره ; لأنه في التوضيح عده من جملة قواطع المنفعة وعلى النسخة الثانية فهو تشبيه بقطع المنفعة .

                                                                                                                            قال في الشامل وفساد أساسها ، أو عين مائها ، أو ملوحته بمحل العذوبة ، أو تعفين قواعدها ، أو فساد حفرة مرحاضها كثير ا هـ .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية