الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن لم تكن للإمام حمولة تحمل عليها الغنائم قسمها بين الغانمين قسمة إيداع ليحموها إلى دار الإسلام ثم يرتجعها منهم فيقسمها ) قال العبد الضعيف : هكذا ذكر في المختصر ، ولم يشترط رضاهم وهو رواية السير الكبير . والجملة في هذا أن الإمام إذا وجد في المغنم حمولة يحمل الغنائم عليها لأن الحمولة والمحمول مالهم .

وكذا إذا كان في بيت المال فضل حمولة لأنه مال المسلمين ، ولو كان للغانمين أو لبعضهم لا يجبرهم في رواية السير الصغير لأنه ابتداء إجارة وصار كما إذا نفقت دابته في مفازة ومع رفيقه فضل حمولة ، [ ص: 484 ] ويجبرهم في رواية السير الكبير لأنه دفع الضرر العام بتحميل ضرر خاص ( ولا يجوز بيع الغنائم قبل القسمة في دار الحرب ) لأنه لا ملك قبلها ، وفيه خلاف الشافعي ، وقد بينا الأصل ( ومن مات من الغانمين في دار الحرب فلا حق له في الغنيمة ، ومن مات منهم بعد إخراجها إلى دار الإسلام فنصيبه لورثته ) لأن الإرث يجري في الملك ، ولا ملك قبل الإحراز ، وإنما الملك بعده .

وقال الشافعي : من مات منهم بعد استقرار الهزيمة يورث نصيبه لقيام الملك فيه عنده وقد بيناه . .

التالي السابق


( قوله وإذا لم يكن للإمام حمولة ) بفتح الحاء المهملة ما يحمل عليه من بعير وفرس وغيره ( يقسمها بينهم ) فقيل : قسمة الغنيمة في دار الحرب للحاجة فتكون هذه القسمة بالاجتهاد فتصح ، وقيل قسمة إيداع إلى دار الإسلام ويستردها فيقسمها ، ثم على هذا يكون بالأجرة وهل يكرههم على ذلك ؟ في السير الصغير لا يكرههم لأنه انتفاع بمال الغير لا يطيب من نفسه ، فهو كمن تلفت دابته في دار الإسلام ومع رفيقه دابة فليس له أن يحمل عليها كرها بأجر المثل .

وقوله ( لأنه ابتداء إجارة ) أي من كل وجه احتراز عن مثل ما إذا انقضت مدة إجارة السفينة في وسط البحر أو البعير في البرية فإنه تنعقد بينهما إجارة بأجر المثل جبرا .

وفي السير الكبير يكرههم ; لأنه دفع الضرر العام بالضرر الخاص ، ولأن منفعته راجعة إليهم ، والأجرة من الغنيمة . والأوجه أنه إن خاف تفرقهم لو قسمها قسمة الغنيمة يفعل هذا وإن لم يخف قسمها قسمة الغنيمة في دار الحرب فإنها تصح للحاجة ، وفيه إسقاط الإكراه وإسقاط الأجرة .

وقوله في المختصر أي القدوري [ ص: 484 ] قوله ولا يجوز بيع الغنائم في دار الحرب ) لعدم الملك وهو المراد بقوله ( وقد بينا الأصل فيه ) وهذا في بيع الغزاة ظاهر ، وأما بيع الإمام لها فذكر الطحاوي أنه يصح ; لأنه مجتهد فيه : يعني أنه لا بد أن يكون الإمام رأى المصلحة في ذلك ، وأقله تخفيف إكراه الحمل عن الناس أو عن البهائم ونحوه وتخفيف مؤنته عنهم فيقع عن اجتهاد في المصلحة فلا يقع جزافا فينعقد بلا كراهة مطلقا ( قوله ومن مات من الغانمين ) تقدم تفريعها على عدم الملك قبل دار الإسلام ، وهو المراد بقوله وقد بيناه




الخدمات العلمية