الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل : وإذا قال : له علي ألف درهم . ثم سكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ، ثم قال : زيوفا أو صغارا أو إلى شهر لزمه ألف جياد وافية حالة ، إلا أن يكون في بلد أوزانهم ناقصة أو مغشوشة ، فهل يلزمه من دراهم البلد ، أو من غيرها ؛ على وجهين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( وإذا قال : له علي ألف درهم . ثم سكت سكوتا يمكنه الكلام فيه ، ثم قال : زيوفا ) أي : رديئة . ( أو صغارا ) أي : دراهم طبرية ، كل درهم منها أربعة دوانيق ، [ ص: 337 ] وذلك ثلثا درهم ( أو إلى شهر ) أي : مؤجلة ( لزمه ألف جياد وافية حالة ) لأن الإطلاق يقتضي ذلك ، كما لو باعه بألف درهم وأطلق ، فإنه يلزمه كذلك . فإذا استقرت في ذمته كذلك فلا يتمكن من تغييرها ، ولأنه يرجع عن بعض ما أقر به ، ويرفعه بكلام منفصل ، فلم يقبل كالاستثناء المنفصل .

                                                                                                                          ولا فرق في الإقرار بها دينا أو وديعة أو غصبا .

                                                                                                                          وقال أبو حنيفة : يقبل إقراره في الغصب والوديعة ، كما لو أقر بغصب عبد ثم جاءه معيبا .

                                                                                                                          وجوابه : أن العيب لا يمنع إطلاق اسم العبد عليه ، بخلاف مسألتنا . ( إلا أن يكون في بلد أوزانهم ناقصة أو مغشوشة ، فهل يلزمه من دراهم البلد أو من غيرها ؛ على وجهين ) كذا في " الفروع " .

                                                                                                                          أحدهما : يقبل تفسيره بدراهم البلد . قدمه في " الكافي " ، وذكر في " الشرح " : أنه الأولى ; لأن مطلق كلامهم يحمل على عرف بلدهم ، كما في البيع والصداق ، وكما لو كانت معاملتهم بها ظاهرة في الأصح . قاله في " الرعاية " .

                                                                                                                          والثاني : لا يقبل . قدمه في " المحرر " و " الرعاية " ; لأن إطلاق الدراهم ينصرف إلى دراهم الإسلام ، وهو ما كان عشرة منها وزن سبعة مثاقيل ، وتكون فضة خالصة ، وهي التي قدر بها الشارع نصب الزكوات والديات والجزية [ ص: 338 ] والقطع في السرقة .

                                                                                                                          ويخالف الإقرار البيع ، من حيث إنه أقر بحق سابق فانصرف إلى دراهم الإسلام ، والبيع إيجاب في الحال ، فاختص بدراهم البلد .

                                                                                                                          فرع : إذا أقر بدراهم وأطلق ، ثم فسرها بسكة البلد أو سكة تزيد عليها أو مثلها ، صدق . وإن كانت دونها ـ زاد في " المغني " و " الشرح " : وتساوتا وزنا ـ لم يقبل في وجه عملا بالإطلاق في البيع ، وكالناقصة في الوزن . ويقبل في آخر ; لأنه يحتمل ما فسره به . وفارق الناقصة : فإن في الشرع الدراهم لا يتناولها ، بخلاف هذه . ولو أقر بمائة درهم أو دينار فالشهادة من نقد البلد . نقله ابن منصور كمطلق عقد .



                                                                                                                          الخدمات العلمية