الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                2213 ص: فهؤلاء جميعا قد أباحوا ركعتي الفجر أن يركعهما في مؤخر المسجد والإمام في الصلاة، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

                                                وأما وجهه من طريق النظر، فإن الذين ذهبوا إلى أنه يدخل في الفريضة ويدع الركعتين فإنهم قالوا: تشاغله بالفريضة أولى من تشاغله بالتطوع وأفضل، فكان من الحجة عليهم في ذلك: أنهم قد أجمعوا أنه لو كان في منزله فعلم دخول الإمام في صلاة الفجر أنه ينبغي له أن يركع ركعتي الفجر ما لم يخف فوت صلاة الإمام، فإن خاف فوت صلاة الإمام لم يصلهما ; لأنه إنما أمر أن يجعلهما قبل الصلاة ولم يجمعوا أن تشاغله بالسعي إلى الفريضة أفضل من تشاغله بهما في منزله، وقد أكدتا ما لم يؤكد شيء من التطوع، وروي أن رسول الله - عليه السلام - لم يكن على شيء من التطوع أدوم منه عليهما، وأنه قال: "لا تتركوهما وإن طردتكم الخيل"، فلما كانتا قد أكدتا هذا التأكيد ورغب فيهما هذا الترغيب ونهي عن تركهما هذا النهي، وكانتا تركعان في المنازل قبل الفريضة ; كانتا أيضا في النظر تركعان في المساجد قبل الفريضة قياسا ونظرا على ما ذكرنا من ذلك، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

                                                [ ص: 85 ]

                                                التالي السابق


                                                [ ص: 85 ] ش: أشار بهؤلاء إلى المذكورين من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم -.

                                                قوله: "والإمام في الصلاة" جملة حالية.

                                                قوله: "فكان من الحجة عليهم" أي على الذين ذهبوا إلى أنه يدخل في الفريضة، وهم أهل المقالة الأولى.

                                                قوله: "ولم يجمعوا" بضم الياء من الإجماع.

                                                قوله: "وقد أكدتا" على صيغة المجهول أي ركعتا الفجر.

                                                قوله: "وروي أن رسول الله - عليه السلام - لم يكن على شيء من التطوع أدوم منه عليهما" قد ذكره مسندا في باب: "القراءة في ركعتي الفجر"، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "إن رسول الله - عليه السلام - لم يكن على شيء من النوافل أشد معاهدة منه على الركعتين قبل الفجر".

                                                وأخرجه البخاري ومسلم، وقد ذكرناه هناك مستقصى.

                                                قوله: "وأنه قال: لا تتركوهما" أي وأن النبي - عليه السلام - قال: "لا تتركوهما وإن طردتكم الخيل".

                                                قد أخرجه هناك مسندا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتركوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل".

                                                وأخرجه أبو داود ولفظه: "لا تدعوهما ولو طردتكم الخيل ".

                                                وباقي الكلام ظاهر.

                                                [ ص: 86 ]



                                                الخدمات العلمية