الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) يجب عليه ( إخدام أهله ) أي أهل الإخدام بأن يكون الزوج ذا سعة ، وهي ذات قدر ليس شأنها الخدمة ، أو هو ذا قدر تزري خدمة زوجته به فإنها أهل للإخدام بهذا المعنى فيجب عليه أن يأتي لها بخادم ( وإن بكراء ، ولو بأكثر من واحدة ) إذا لم تكف الواحدة

[ ص: 511 ] ( وقضي لها بخادمها ) عند التنازع مع الزوج ( إن أحبت ) وأحب هو أن يخدمها خادمه ( إلا لريبة ) في خادمها تضر بالزوج في الدين أو الدنيا فلا يقضى لها بخادمها بل يجاب الزوج لما ادعى إن قامت القرائن على تصديقه ( وإلا ) بأن لم تكن أهلا للإخدام أو كانت أهلا ، والزوج فقير ( فعليها الخدمة الباطنة ) ولو غنية ذات قدر ( من عجن وكنس وفرش ) وطبخ له لا لضيوفه فيما يظهر واستقاء ماء جرت به العادة وغسل ثيابه ( بخلاف ) ( النسج والغزل ) والخياطة ونحوها مما هو من التكسب عادة فهي واجبة عليه لها لا عليها له .

التالي السابق


( قوله : أي أهل الإخدام ) أشار إلى أن فيه عود الضمير من المضاف إليه على المضاف مثل قولك جاء عبد ربه والظاهر أن الإضافة في كلام المصنف من إضافة المصدر للمفعول ، وأنه يشمل الصورتين اللتين قالهما الشارح ; لأنها فيهما أهل للإخدام ( قوله : وإن بكراء ) أي هذا إذا كان بشراء بل وإن كان بكراء والظاهر أنها لا تملك الرقيق الذي اشتراه لخدمتها إلا إذا حصل التمليك بصيغة ( قوله : ولو بأكثر من واحدة ) رد بلو على ما قاله ابن القاسم في الموازية من أنه لا يلزمه أكثر من خادم واحد واعلم أنه إذا عجز عن الإخدام لم تطلق عليه لذلك على المشهور وإذا تنازعا في كونها أهلا ; لأن [ ص: 511 ] تخدم أو ليست أهلا فهل البينة عليها أو عليه قولان انظر الحاشية .

( قوله : وقضي لها بخادمها ) أي إذا طلبت الزوجة أن خادمها يخدمها ويكون عندها ، وطلب الزوج أن يخدمها خادمة فإنه يقضى لها بخادمها ; لأن الخدمة لها ، وحينئذ فيلزم الزوج أن ينفق عليه ، وهذا القول وهو القضاء بخادمها عند التنازع هو قول مالك وابن القاسم وقيده ابن شاس بما إذا كان خادمها مألوفا وإلا قضي بخادم الزوج ، وظاهر المصنف الإطلاق أي القضاء بخادمها سواء كان مألوفا أو لا ( قوله : في الدين ) أي بأن كانت تلك الخادمة تأتي برجال للمرأة يفسدون فيها ، وقوله : أو الدنيا أي بأن كانت تلك الخادمة تسرق من مصالح البيت ( قوله : بأن لم تكن أهلا للإخدام ) أي بأن كانت من لفيف الناس ، والزوج ليس ذا قدر ( قوله : وطبخ له ) أي ولها وقوله : لا لضيوفه أي ولا لأولاده ، ولا لعبيده ولا لأبويه ( قوله : واستقاء ماء ) أي من الدار أو من خارجها ، ولو من البحر إذا كان ذلك عادة أهل بلدها ( قوله : وغسل ثيابه ) أي فيلزمها ذلك وكذا غسل ثيابها وقال بعضهم : إن غسل ثيابه وثيابها ينبغي جريانه على العرف والعادة ، وقال الأبي : إن ذلك من حسن العشرة ولا يلزمها ، وظاهره ولو جرت العادة بذلك .

( قوله : بخلاف النسج إلخ ) يعني أن المرأة لا يلزمها أن تنسج ولا أن تغزل ولا أن تخيط للناس بأجرة وتدفعها لزوجها ينفقها ; لأن هذه الأشياء ليست من أنواع الخدمة وإنما هي من أنواع التكسب ، وليس عليها أن تتكسب له إلا أن تتطوع بذلك ، وظاهره ولو كانت عادة نساء بلدها جارية بالنسج والغزل ( قوله : ونحوها مما هو من التكسب ) أي ; لأنه ليس عليها أن تتكسب له أي بأن تخيط أو تنسج للناس وتجمع أجرة ذلك وتدفعها له ، ويؤخذ من هذا التعليل أنه يلزمها أن تخيط ثوبها وثوب زوجها ; لأن هذا ليس تكسبا بل من الخدمة وفي حاشية شيخنا أن الذي يفهم من كلامهم ترجيح القول بعدم لزوم خياطة ثوبه وثوبها ، وقال بعضهم : إنه يجري على العرف والعادة فإن جرى العرف به لزمها ، وإلا فلا




الخدمات العلمية