الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
35 - ( 10 ) - حديث أبي هريرة : { إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ، وليغسله سبعا ، أولاهن بالتراب }تقدم الكلام عليه ، وأن مسلما رواه إلى قوله : " سبع مرات " . وبقية الحديث ليس هو عنده ، رواه النسائي ، وابن خزيمة ، والدارقطني ، كما رواه مسلم ، وجزم النسائي ، وابن منده ، وغير واحد بتفرد علي بن مسهر بزيادة : " فليرقه " ورواه مسلم أيضا من وجه آخر بلفظ " أولاهن بالتراب " وفي رواية صحيحة للشافعي " أولاهن أو أخراهن بالتراب " وفي رواية لأبي عبيد بن سلام في كتاب الطهور له بلفظ : { إذا ولغ الكلب في الإناء غسل سبع مرات ، أولاهن أو إحداهن بالتراب }وهذا يطابق لفظ الكتاب في آخره ، [ ص: 66 ] ورواه البزار من هذا الوجه بلفظ : { فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب }وإسناده حسن ، ليس فيه إلا أبو هلال الراسبي ، وهو صدوق ، ورواه الدارقطني من حديث علي بن أبي طالب بلفظ : " إحداهن بالبطحاء " وإسناده ضعيف ، فيه الجارود بن يزيد وهو متروك ، وروى مسلم من حديث عبد الله بن مغفل بلفظ : " فاغسلوه سبعا ، وعفروه الثامنة بالتراب " وهذا أصح من رواية إحداهن من حيث الإسناد ، والله أعلم ، وإذا تحررت هذه الطرق عرفت أن السياق الذي ساقه المؤلف لا يوجد في حديث واحد ، لأن راوي " فليرقه " لم يتعرض فيها لذكر التراب ، والروايات التي فيها ذكر التراب لم يذكر فيها " الأمر بالإراقة .

( فائدة ) اللفظ ب " أو " يحتمل أن تكون من الراوي . ويحتمل أن تكون للإباحة بأمر الشارع ، قال ابن دقيق العيد : الأول أقرب لأنه لم يقل أحد بتعيين الأولى أو الأخيرة فقط ، بل إما بتعين الأولى أو التخيير بين الجميع ، انتهى . وليس كما قال ، فقد قال الشافعي في البويطي : " وإذ ولغ الكلب في الإناء غسل سبعا أولاهن أو أخراهن بالتراب ، لا يطهره غير ذلك " وكذا قال في الأم كما تقدم في أول باب إزالة النجاسة ، ولكن الأول أقرب من جهة أخرى ، لأن لفظ رواية الترمذي " أخراهن " أو قال : " أولاهن " ، وهذا ظاهر في أنه شك من الراوي . وكذا قرره البيهقي في الخلافيات أنها للشك .

( فائدة أخرى ) : المذهب أن حكم الخنزير كالكلب ، واستدل البيهقي بحديث أبي هريرة في نزول عيسى أنه يقتل الخنزير ، ودلالته غير ظاهرة لأنه لا يلزم من الأمر بقتله أن يكون نجسا ، فإن قيل : إطلاق الأمر بقتله دل على أنه أسوأ حالا من الكلب ; لأن الكلب لا يقتل إلا في بعض الأحوال ، قلنا : هذا خلاف نص الشافعي ، فإنه نص في سير الواقدي على قتلها مطلقا ، وكذا قال في باب الخلاف في ثمن الكلب : اقتلها حيث وجدتها ويتعجب من النووي في شرح المهذب ، فإنه جزم بأنه لا يقتل منها إلا الكلب العقور . والكلب وقال : لا خلاف في هذا بين أصحابنا ، وليس في تخصيصه بالذكر أيضا حجة على المدعي ، لأن فائدته الرد على [ ص: 67 ] النصارى الذين يأكلونه ، ولهذا يكسر الصليب الذي يتعبدون به لأجله ، واختار النووي في شرح المهذب : أن حكم الخنزير حكم غيره من الحيوانات ، ويدل لذلك حديث أبي ثعلبة عند الحاكم وأبي داود { إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير } - الحديث - فأمر بغسلها ولم يقيد بعدد ، واختار النووي أنه يغسل من ولوغه مرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية