الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( بالبينات والزبر ) وفيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : ذكروا في الجالب لهذه الباء وجوها .

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن التقدير : وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا يوحى إليهم ، وأنكر الفراء ذلك وقال : إن صلة ما قبل إلا لا يتأخر إلى بعد ، والدليل عليه : أن المستثنى عنه هو مجموع ما قبل إلا مع صلته ، فما لم يصر هذا المجموع مذكورا بتمامه امتنع إدخال الاستثناء عليه .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن التقدير : وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم بالبينات والزبر ، وعلى هذا التقدير فقوله : ( بالبينات والزبر ) متعلق بالمستثنى .

                                                                                                                                                                                                                                            والثالث : أن الجالب لهذا الباء محذوف ، والتقدير أرسلناهم بالبينات وهذا قول الفراء . قال : ونظيره ما مر إلا أخوك بزيد ، ما مر إلا أخوك ، ثم يقول : مر بزيد .

                                                                                                                                                                                                                                            الرابع : أن يقال : الذكر بمعنى العلم ، والتقدير : فاسألوا أهل الذكر بالبينات والزبر إن كنتم لا تعلمون .

                                                                                                                                                                                                                                            الخامس : أن يكون التقدير : إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر فاسألوا أهل الذكر .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قوله تعالى : ( بالبينات والزبر ) لفظة جامعة لكل ما تكامل به الرسالة ، لأن مدار أمرها على المعجزات الدالة على صدق من يدعي الرسالة ، وهي البينات ، وعلى التكاليف التي يبلغها الرسول من الله تعالى إلى العباد وهي الزبر .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية