الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      ابن الأخرم

                                                                                      الإمام الحافظ المتقن الحجة أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف ، الشيباني النيسابوري بن الأخرم ، ويعرف قديما بابن الكرماني .

                                                                                      [ ص: 467 ] ولد سنة خمسين ومائتين .

                                                                                      شهد جنازة الإمام محمد بن يحيى الذهلي ، وصلى عليه .

                                                                                      وسمع من ولده يحيى بن محمد حيكان ، وعلي بن الحسن الهلالي الدرابجردي - ودرابجرد : محلة من حواضر نيسابور المتطرقة على الصحراء- وإبراهيم بن عبد الله السعدي ، ومحمد بن عبد الوهاب الفراء ، وخشنام بن الصديق ، وإسحاق بن عمران الإسفراييني الفقيه ، والحسين بن الفضل البجلي المفسر ، ومحمد بن نصر المروزي الإمام ، وجعفر بن محمد الترك ، والحسين بن محمد بن زياد القباني ، وخلق كثير .

                                                                                      وجمع فأوعى ، ومع حفظه وسعة علمه لم يرحل في الحديث ، بل قنع بحديث بلده .

                                                                                      حدث عنه : أبو بكر بن إسحاق الصبغي ، وحسان بن محمد الفقيه ، وأبو عبد الله بن منده ، وأبو عبد الله الحاكم ، ويحيى بن إبراهيم والمزكي ، وخلق كثير .

                                                                                      قال الحاكم : كان صدر أهل الحديث ببلدنا بعد ابن الشرقي ، يحفظ ويفهم ، وصنف كتاب " المستخرج على الصحيحين " وصنف " المسند الكبير " ، وسأله أبو العباس السراج أن يخرج له كتابا على " صحيح مسلم " ففعل .

                                                                                      وسمعت أبا عبد الله بن يعقوب غير مرة ، يقول : ذهب عمري في [ ص: 468 ] جمع هذا الكتاب -يعني " المستخرج " -على كتاب مسلم وسمعته تندم على تصنيفه " المختصر الصحيح المتفق عليه " ، ويقول : من حقنا أن نجهد في زيادة الصحيح -إلى أن قال الحاكم - : وكان أبو عبد الله من أنحى الناس ، ما أخذ عليه لحن قط ، وله كلام حسن في العلل والرجال .

                                                                                      سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول : كان ابن خزيمة يقدم أبا عبد الله بن يعقوب على كافة أقرانه ، ويعتمد قوله فيما يرد عليه ، وإذا شك في شيء عرضه عليه .

                                                                                      قال الحاكم : حضرنا مجلس الصبغي ، وحضر أبو علي الحافظ ، وابن الأخرم ، فأملى الصبغي عن إبراهيم الهسنجاني ، عن أبي الطاهر ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعا : من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها فقال ابن الأخرم : يا أبا علي ، من قال فيه : فقد أدركها كلها ؟ .

                                                                                      قال : هذا لا نحفظه إلا من حديث عبيد الله بن عمر ، عن الزهري .

                                                                                      قال أبو عبد الله : بلى ، في حديث حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس ، فقد أدركها كلها فقال أبو علي : حدثناه ابن قتيبة ، عن حرملة ، ولم يقل : كلها .

                                                                                      [ ص: 469 ] قال أبو عبد الله : حدث به مسلم عن حرملة ، وجرى بينهما كلام كثير .

                                                                                      وفي المجلس الثاني ، أحضر أبو عبد الله كتاب مسلم بخط مسلم عن حرملة ، وفيه " كلها " ، فقال أبو علي : من لا يحفظ الشيء يعذر ، فقال أبو عبد الله : من ينكر هذا تعرك أذنه ، وتفك أسنانه . فامتلأ أبو علي غيظا ، وهم أبو عبد الله بالقيام ، فقال له أبو علي : اقعد ; فإن هنا حسابا آخر . قال : وما هو ؟ قال : حدثت عن كشمرد ، عن حفص ، عن إبراهيم بن طهمان بحديثين قد تفرد بهما عن حفص ابنه ، وأحمد ، قال : لم أحدث ، قال : بلى ، ثقتان سمعاه منك . قال : إن كنت حدثت به فقد رجعت عنه . قال : وفي تخريجك القديم على " كتاب مسلم " ، عن أحمد بن سلمة ، عن محمد بن المثنى ، عن محمد جهضم حديث " والآن " قد رويته عن علي [ عن ] ابن جهضم ، قال : كلاهما عندي ، وقد حدثت بهما ، قال : فأخرج إلينا حديثك عن علي بن الحسن .

                                                                                      قال الحاكم : سمعت أبا عبد الله بن الأخرم يقول : هذا جزاء من لم يمت مع أقرانه ، وكنت أرى أبا علي بعد نادما على ما قال ذلك اليوم .

                                                                                      قال الحاكم : مات في جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وثلاثمائة .

                                                                                      قلت : فيها مات مقرئ بغداد أبو الحسين أحمد بن عثمان بن بويان صاحب حرف نافع ، ومحدث دمشق أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هاشم [ ص: 470 ] الأذرعي ، ومسند بغداد أبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ابن السماك ، وشيخ الشافعية العلامة ، أبو بكر محمد بن أحمد بن الحداد الكناني بمصر ، ومسند حلب محمد بن عيسى التميمي البغدادي العلاف ، والإمام أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري النيسابوري المفسر .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية