الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ومذي بغسل ذكره كله ففي النية وبطلان صلاة تاركها أو تارك كله قولان )

                                                                                                                            ش قال في المنتقى لما تكلم على النية وأما غسل الذكر من المذي فحكى الشيخ أبو محمد في نوادره أنه لا يفتقر إلى النية كغسل النجاسة قال القاضي أبو الوليد يعني نفسه والصحيح عندي أنه يفتقر إلى تجديد النية ; لأنها طهارة تتعدى محل وجوبها ولم يعز المصنف في التوضيح القول بوجوب النية إلا للإبياني ، وكذا ابن رشد في شرح ابن الحاجب ، انتهى . وعزاه ابن عرفة لبعضهم وعزا مقابله للشيخ ابن أبي زيد وكذلك المصنف في التوضيح وابن راشد .

                                                                                                                            وقوله : وبطلان صلاة تاركها يعني إذا قلنا بوجوب النية فغسله من غير نية فهل تبطل صلاته لترك النية أو لا تبطل مراعاة للخلاف ؟ قولان وظاهر كلامه في التوضيح أن الخلاف في بطلان صلاة من ترك النية هو الخلاف في وجوب النية فمن قال بوجوبها ، قال : تبطل الصلاة بتركها ومن قال : لا تجب قال : لا تبطل بتركها وكلامه هنا يقتضي أن الخلاف في بطلان الصلاة مفرع على القول بوجوب النية وبذلك صرح ابن بشير في التنبيه فقال واختلف القائلون بغسل جميعه هل يفتقر إلى نية أو لا ثم قال واختلف القائلون بافتقاره إلى نية لو غسله بلا نية وصلى هل يعيد أو لا ؟ ومقتضى إيجاب النية أن يعيد الصلاة وترك الإعادة مراعاة للخلاف ، انتهى . وقوله : أو تارك كله ، قولان يعني أن من ترك غسل ذكره كله واقتصر على غسل محل الأذى فاختلف هل تبطل صلاته وهو قول الإبياني أو لا تبطل صلاته وهو قول يحيى بن عمر قال في التوضيح واختلف في بطلان صلاة من ترك غسل جميع الذكر فقال يحيى بن عمر : لا يعيد ويغسل ذكره لما يستقبل ، وقال الإبياني : يعيد أبدا . وأجراه بعض المتأخرين على أن غسل جميع الذكر واجب أو مستحب ، انتهى . وقال الفاكهاني في شرح الرسالة قال يحيى بن عمر من لم يغسل إلا مخرج الأذى وصلى لم يعد الصلاة قال أبو محمد : ويغسله لما يستقبل ويتوضأ انتهى فظاهره أنه يجب عليه أن يعيد الوضوء والظاهر أنه إنما أمره بالوضوء ; لأنه إذا غسل ذكره فالغالب أن ينتقض وضوءه ولو أمكنه أن يغسل ذكره ويحترز من مس ذكره بباطن الكف والأصابع وجنبهما لم يؤمر بإعادة الوضوء ; لأن وضوءه صحيح قد صلى به وحكم بصحة بطلانه فتأمله .

                                                                                                                            قلت ونقل ابن ناجي في شرح الرسالة قولا ثالثا فقال : واختلف إذا اقتصر على غسل محل الأذى فقال الإبياني : يعيد أبدا ، وقال يحيى بن عمر : لا إعادة عليه ، وقيل : يعيد في الوقت ، قاله أبو محمد بن أبي زيد نقله القفصي في أسئلته عنه وبه كان بعض من لقيته من القرويين يفتي ، انتهى . نقل الشارح في الكبير هذا القول [ ص: 286 ] الثالث لكن كلامه يوهم أنه جار في مسألة من ترك النية ولم أقف عليه ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال في التوضيح قال بعض المتأخرين وينبغي أن يكون غسل المذي مقارنا للوضوء ورأى أن غسله لما كان تعبدا أشبه بعض أعضاء الوضوء انتهى وكأنه يشير لما ذكره ابن بشير في التنبيه واستقرأ بعض المتأخرين من المدونة أنه يغسل الذكر عند إرادة الوضوء فإن غسله قبل ذلك لم يجزه وعول في ذلك على قوله في المدونة : ولا يلزم غسل الأنثيين عند الوضوء ومن المذي إلا أنه يخشى أن يصيبهما إنما عليه غسل ذكره فعول على هذا الكلام ظانا أن مراده إنما عليه غسل ذكره إذا أراد الوضوء وهذا استقراء فيه بعد ; لأن مراده أن لا يغسل الأنثيين وإنما يغسل الذكر خاصة انتهى ونقل ابن عرفة كلام ابن بشير باختصار ولم يذكر خلافه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية