الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك أن ابن شهاب وسليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد الرحمن كانوا يقولون دية الخطإ عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون ذكرا وعشرون حقة وعشرون جذعة

                                                                                                          قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا قود بين الصبيان وإن عمدهم خطأ ما لم تجب عليهم الحدود ويبلغوا الحلم وإن قتل الصبي لا يكون إلا خطأ وذلك لو أن صبيا وكبيرا قتلا رجلا حرا خطأ كان على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية قال مالك ومن قتل خطأ فإنما عقله مال لا قود فيه وإنما هو كغيره من ماله يقضى به دينه وتجوز فيه وصيته فإن كان له مال تكون الدية قدر ثلثه ثم عفا عن ديته فذلك جائز له وإن لم يكن له مال غير ديته جاز له من ذلك الثلث إذا عفا عنه وأوصى به

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1605 1549 - ( مالك أن ابن شهاب وسليمان بن يسار وربيعة بن أبي عبد الرحمن كانوا يقولون : دية الخطأ ) على أهل البادية مخمسة ( عشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون ابن لبون ) وبنت في الموضعين وابن بالنصب على التمييز للعدد ، ويؤيده قوله : ( ذكرا ) بالنصب زيادة بيان وإن كان لفظ ابن لا يكون إلا ذكرا ; لأن من الحيوان ما يطلق على ذكره وأنثاه لفظ ابن ، كابن عرس وابن آوى ، أو مجرد التأكد لاختلاف اللفظ كـ ( غرابيب سود ) ، أو احتراز عن الخنثى ، وفيه بعد ( وعشرون حقة وعشرون جذعة ) بخلاف دية العمد فمربعة بحذف ابن لبون كما مر قريبا .

                                                                                                          ( قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا أنه لا قود ) أي قصاص ( وأن عمدهم خطأ ) أي كالخطأ لرفع القلم عنهم ( ما ) أي مدة كونهم صبيانا ( لم تجب عليهم الحدود و ) لم ( يبلغوا الحلم وإن قتل الصبي لا يكون إلا خطأ ) أي لا يعطى إلا حكمه ( وذلك لو أن صبيا وكبيرا قتلا رجلا حرا خطأ كان على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية ) وقدم أن على الصبي في العمد إذا اشترك مع كبير ( ومن قتل خطأ فإنما عقله مال لا قود فيه ) لقوله تعالى : ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا ( سورة النساء : الآية 92 ) فلم يذكر قودا ( وإنما هو ) أي المال المأخوذ في الخطأ ( كغيره من ماله ) أي القتيل ( يقضى به دينه وتجوز فيه وصيته ، فإن كان له [ ص: 283 ] مال تكون الدية قدر ثلثه ثم عفي عن ديته ، فذلك جائز له وإن لم يكن له ديته جاز له من ذلك الثلث إذا عفا عنه وأوصى به ) والثلثان لورثته .




                                                                                                          الخدمات العلمية