الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                خرج البخاري في هذا الباب:

                                356 363 - حديث: الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن مغيرة بن شعبة، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال: " يا مغيرة، خذ الإداوة "، فأخذتها، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توارى عني فقضى حاجته وعليه جبة شامية، فذهب ليخرج يده من كمها فضاقت، فأخرج يده من أسفلها، فصببت عليه فتوضأ وضوءه للصلاة، ومسح على خفيه، ثم صلى. [ ص: 165 ]

                                التالي السابق


                                [ ص: 165 ] وقد سبق هذا الحديث في " كتاب الطهارة " من وجوه أخر عن المغيرة ، وخرجه في " كتاب اللباس " من طريق الشعبي ، عن عروة بن المغيرة ، عن أبيه، وفي حديثه: "وعليه جبة من صوف".

                                وفيه من الفقه: جواز الصلاة فيما يجلب من بلاد المشركين من ثيابهم. وجواز الصلاة في الصوف، وجواز الوضوء فيما هو ضيق الكمين وإن لم يتمكن من إخراج يديه منه عند الوضوء، إذا أخرج يديه من أسفله.

                                وخرج الإمام أحمد ، وأبو داود ، من حديث علي بن زيد بن جدعان ، عن أنس ، أن ملك الروم أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم مستقة من سندس، فلبسها .

                                وعلي بن زيد ، مختلف في أمره، وليس بالحافظ جدا.

                                قال الأصمعي : المساتق: فراء طوال الأكمام، واحدتها: مستقة.

                                والمستقة: بفتح القاف وتضم - أيضا.

                                قال الخطابي : يشبه أن تكون هذه المستقة مكففة بالسندس; لأن نفس الفرو لا يكون سندسا.

                                قلت: بل الظاهر أن غشاء الفرو كان حريرا، ويدل عليه: ما رواه سالم بن نوح ، عن عمر بن عامر ، عن قتادة ، عن أنس : أن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة سندس، فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعجب الناس منها، ثم أهداها إلى عمر ، فقال: يا رسول الله، تكرهها وألبسها؟ قال: " يا عمر إنما أرسلت بها إليك لتبعث بها وجها فتصيب بها مالا " وذلك قبل أن ينهى عن الحرير.

                                [ ص: 166 ] وخرجه البزار وغيره، وخرجه مسلم مختصرا.

                                وهذا - والله أعلم - هو فروج الحرير الذي قال عقبة بن عامر : أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فروج حرير فلبسه، ثم صلى فيه، ثم انصرف فنزعه نزعا شديدا، كالكاره له، ثم قال: " لا ينبغي هذا للمتقين ".

                                وقد خرجه البخاري في موضع آخر.

                                وخرج مسلم من حديث أبي الزبير ، عن جابر ، قال: لبس النبي صلى الله عليه وسلم يوما قباء من ديباج أهدي له، ثم أوشك أن نزعه، ثم أرسل به إلى عمر - وذكر بقية الحديث.



                                الخدمات العلمية