الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك الكرج مدينة دوين

في هذه السنة استولى الكرج على مدينة دوين ، من أذربيجان ، ونهبوها ، واستباحوها ، وأكثروا القتل في أهلها ، وكانت هي وجميع بلاد أذربيجان للأمير أبي [ ص: 192 ] بكر بن البهلوان ، وكان على عادته مشغولا بالشرب ليلا ونهارا ، لا يفيق ، ولا يصحو ولا ينظر في أمر مملكته ورعيته وجنده ، قد ألقى الجميع عن قلبه ، وسلك طريق من ليس له علاقة ، وكان أهل تلك البلاد قد أكثرت الاستغاثة به ، وإعلامه بقصد الكرج بلادهم بالغارة مرة بعد أخرى ، فكأنهم ينادون صخرة صماء ، فلما حصر الكرج هذه السنة مدينة دوين ، سار منهم جماعة يستغيثون ، فلم يغثهم وخوفه جماعة من أمرائه عاقبة إهماله وتوانيه وإصراره على ما هو فيه فلم يصغ إليهم ، فلما طال الأمر على أهلها ضعفوا ، وعجزوا ، وأخذهم الكرج عنوة بالسيف وفعلوا ما ذكرنا .

ثم إن الكرج بعد أن استقر أمرهم بها أحسنوا إلى من بقي من أهلها ، فالله - تعالى - ينظر إلى المسلمين ، ويسهل لثغورهم من يحفظها ويحميها ، فإنها مستباحة ، لا سيما هذه الناحية - فإنا لله وإنا إليه راجعون - فلقد بلغنا من فعل الكرج بأهل دوين من القتل والسبي والأمر مما تقشعر منه الجلود .

التالي السابق


الخدمات العلمية