الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                105 حدثنا علي بن حجر السعدي وإسحق بن إبراهيم قال إسحق أخبرنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال كان رجل ينقل الحديث إلى الأمير فكنا جلوسا في المسجد فقال القوم هذا ممن ينقل الحديث إلى الأمير قال فجاء حتى جلس إلينا فقال حذيفة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة قتات

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                وفي أخرى " قتات " وهو مثل الأول ، فالقتات هو النمام وهو بفتح القاف وتشديد التاء المثناة من فوق ، وقال الجوهري وغيره : يقال : نم الحديث ينمه وينمه بكسر النون وضمها نما ، والرجل نمام ونم وقته يقته بضم القاف قتا قال العلماء : النميمة نقل كلام الناس بعضهم إلى بعض على جهة الإفساد بينهم .

                                                                                                                قال الإمام أبو حامد الغزالي - رحمه الله - في الإحياء : اعلم أن النميمة إنما تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه ، كما تقول : فلان يتكلم فيك بكذا ، قال : وليست النميمة مخصوصة بهذا بل حد النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه ، أو المنقول إليه ، أو ثالث ، وسواء كان الكشف بالكناية أو بالرمز أو بالإيماء ، فحقيقة النميمة إفشاء السر ، وهتك الستر عما يكره كشفه ، فلو رآه يخفي مالا لنفسه فذكره فهو نميمة ، قال : وكل من حملت إليه نميمة ، وقيل له : فلان يقول فيك ، أو يفعل فيك كذا ، فعليه ستة أمور :

                                                                                                                الأول : ألا يصدقه لأن النمام فاسق .

                                                                                                                الثاني : أن ينهاه عن ذلك ، وينصحه ويقبح له فعله .

                                                                                                                الثالث : أن يبغضه في الله تعالى فإنه بغيض عند الله تعالى ، ويجب بغض من أبغضه الله تعالى .

                                                                                                                الرابع : ألا يظن بأخيه الغائب السوء .

                                                                                                                الخامس : ألا يحمله ما حكي له على التجسس والبحث عن ذلك .

                                                                                                                السادس : ألا يرضى لنفسه ما نهي النمام عنه ; فلا يحكي نميمته عنه ، فيقول : فلان حكى كذا فيصير به نماما ، ويكون آتيا ما نهي عنه . هذا آخر كلام الغزالي - رحمه الله - .

                                                                                                                وكل هذا المذكور في النميمة إذا لم يكن فيها مصلحة شرعية فإن دعت حاجة إليها فلا منع منها ; وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانا يريد الفتك به ، أو بأهله ، أو بماله ، أو أخبر الإمام ، أو من له ولاية بأن إنسانا يفعل كذا ، ويسعى بما فيه مفسدة .

                                                                                                                ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك وإزالته . فكل هذا وما أشبه ليس بحرام ، وقد يكون بعضه واجبا ، وبعضه مستحبا على حسب المواطن . والله أعلم .

                                                                                                                وفي الإسناد ( فروخ ) وهو غير مصروف تقدم مرات .

                                                                                                                وفيه ( الضبعي ) بضم الضاد المعجمة وفتح [ ص: 286 ] الموحدة .




                                                                                                                الخدمات العلمية