الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) وإذا ادعى المشهود عليه أن الشاهد آكل [ ص: 84 ] ربا أو شارب خمر أو أنه استؤجر على هذه الشهادة ، وجاء على ذلك ببينة لم تقبل بينته إلا على قول ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى ، فإنه يقول هذا جرح في الشاهد فيمكن إثباته بالبينة ، كما لو ادعى أنه عبد أو محدود في قذف والدليل عليه أن المشهود له لو أقر بهذا أو الشاهد أقر به امتنع القضاء بشهادته ، فكذلك إذا أثبته الخصم بالبينة ; لأن الثابت بالبينة كالثابت بإقرار الخصم ولكنا نقول المشهود عليه بهذه البينة ليس يثبت شيئا إنما ينفي شهادته والشهادة على النفي لا تقبل كما لو قامت البينة على رجل بالغصب أو بالقتل في مكان في يوم فأقام البينة على أنه لم يحضر ذلك المكان في ذلك اليوم لم تقبل هذه البينة .

وفي الكتاب أشار إلى التهاتر فقال : لو قبلت هذا لم تجز شهادة أحد ، فإن المشهود عليه بذلك يأتي بالبينة على الذين شهدوا عليه أنهم كذلك ، فهذا لا ينقطع بخلاف ما لو أقام البينة على أنه عبد أو محدود في قذف ، فإن ذلك إثبات وصف لازم فيه ; لأن كونه محدودا لازم مبطل لشهادته على التأبيد ، وقبول تلك البينة لا يؤدي إلى التهاتر ; لأن القاضي يسألهم من حده وما لم يثبتوا أن قاضي بلده كذا حده لم تقبل شهادتهم ومثل هذا لا يجده كل خصم ، وهذا مما يمكن إثباته بالبينة أيضا أن تكون الشهادة في مال فيجيء بالبينة ، أن الشاهد شريك فيه قد ادعى شركته ، أو يقول : أخذ مني كذا من المال رشوة لكي لا يشهد على الباطل فإنه تقبل بينته على ذلك ; لأنه يدعي استرداد ذلك المال ، فتقبل بينته لذلك ثم يظهر به فسق الشاهد .

( قال ) فإن أقام البينة أن الشاهد محدود في قذف حده فلان قاضي بلد كذا وقال المشهود عليه أنا آتيك بالبينة على إقرار ذلك القاضي أنه لم يحدني ، أو على موته قبل ذلك الوقت الذي شهد هؤلاء أنه حدني فيه لا يقبل ذلك منه ; لأنه لا يثبت بهذا شيئا إنما ينفي شهادة الذين شهدوا عليه ، وكذلك إن قال : أنا آتي بالبينة أني كنت غائبا ذلك اليوم في أرض كذا لم يقبل ذلك منه إلا أن يجيء من ذلك بأمر مشهور ، فيقبل ذلك في الحدود والقصاص والأموال وغير ذلك ; لأن الشهرة في النفي حجة كما في الإثبات ، وإذا كان ذلك أمرا مشهورا فالقاضي عالم بكذب الشهود ، وإذا لم يجز له القضاء بشهادتهم عند تمكن تهمة الكذب فعند العلم بكذبهم أولى

التالي السابق


الخدمات العلمية