الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              [ ص: 211 ] ( ولا قضاء على المحصر المتطوع ) بحصر خاص أو عام ، وإن اقترن به فوات الحج إذ لم يرد الأمر به وقد { أحصر معه صلى الله عليه وسلم في الحديبية ألف ، وأربعمائة ولم يعتمر منهم معه في عمرة القضية في العام القابل إلا بعضهم } أكثر ما قيل إنهم سبعمائة فعلم أن تلك العمرة لم تكن قضاء ومعنى القضية المقاضاة أي الصلح الذي وقع في الحديبية ولا يرد عليه أن المحصر يلزمه القضاء في صور بأن أخر التحلل من الحج مع إمكانه من غير رجاء أمن حتى فاته أو فاته ثم أحصر أو زال الحصر والوقت باق ولم يتحلل ومضى في النسك ففاته أو سلك طريقا آخر مساويا للأول ففاته الوقوف وذلك ؛ لأن القضاء في هذه كلها للفوات لا للحصر ( فإن كان ) ما أحصر عن إتمامه حصرا عاما أو خاصا كما أطلقوه ( فرضا مستقرا ) عليه [ ص: 212 ] كحجة الإسلام بعد أولى سني الإمكان وكنذر قدر عليه قبل عام الحصر ومثلهما قضاء ونذر معين في عام الحصر ( بقي في ذمته ) كما لو شرع في صلاة مفروضة ولم يتمها ( أو ) فرضا ( غير مستقر ) كحجة الإسلام في أولى سني الإمكان ( اعتبرت ) في استقرار عليه ( الاستطاعة بعد ) أي بعد زوال الإحصار نعم الأولى له إن بقي من الوقت ما يسع الحج أن يحرم ولا يجب ، وإن استقر الوجوب بمضيه لكن بحث الأذرعي في بعيد الدار إذا غلب على ظنه أنه لو أخر عجز عن الحج فيما بعد أنه يلزمه الإحرام به في هذا العام .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن : ولا قضاء على المحصر المتطوع ) قال الشارح في حاشية الإيضاح في الكلام على شروط وجوب الحج ما نصه والمعتمد أنه حيث حصل الأمن للواحد من غير رفقة لم يشترط وجودهم ولا نظر للوحشة ؛ لأن الحج لا بدل له ، وإنما يمنع الخوف على شيء مما ذكره الوجوب إن كان عالما فلو حج أول ما تمكن ، وأحصر مع القوم ثم تحلل ومات قبل تمكنه لم يستقر في ذمته لعموم الخوف هنا إذ غيره مثله في خوف العدو أما لو اختص الخوف أو المنع بشخص فإنه لا يمنع الوجوب فتقضي من تركته على ما صوبه البلقيني وجزم به ابن الرفعة كذا السبكي فقال من حبسه شيطان أو عدو وعجز دون غيره لزمه الحج فتقضى عنه ويستنيب إن أيس ، وإنما يمنع الخوف الوجوب إن عم فمات قبل تمكن أحد من أهل بلده ، نص عليه ثم استنبط في موضع آخر من ذلك ومما في الإحصار من أن الزوجة لا تحرم إلا بإذن الزوج أنها لو أخرت لمنعه قضى من تركتها ولا يقضي إلا إن تمكنت قبل النكاح وعن الأذرعي نظير ذلك وقال صرح به الشافعي والأصحاب ونقله في الخادم في موضع واعتمده وبحث في موضع آخر أنها لو لم تستطع إلا بعد النكاح اشترط في الوجوب رضا الزوج لكن اعترض غير واحد ما ذكر بقول المجموع عن الروياني لو حبس أهل بلد عن الحج أول ما وجب عليهم لم يستقر وجوبه عليهم أو واحد منهم فهل يستقر عليه قولان أصحهما لا . ا هـ .

                                                                                                                              وبقولهم في محصر لم يستقر عليه الفرض تعتبر استطاعته بعد زوال الحصر ، وهو يشمل الحصر الخاص وغيره وقد يجاب من جانب أولئك بأن ما في المجموع مقالة ولا يلزم من سكوته عليها اعتمادها لما علمت من النص واتفاق الأصحاب على ما يصرح بخلافها وكلامهم الآتي محمول على ما هنا ولمن اعتمد ما في المجموع أن يردد ذلك بأن غاية ما في الباب أن للشافعي فيها قولين ، وأن الروياني رجح أو نقل ترجيح أحدهما ، وأقره النووي فهو المعتمد لظهور مدركه عليه فلا استقرار على الزوجة إذا منعها زوجها ولو تمكنت قبل النكاح إلى آخر ما أطال به مما ينبغي الوقوف عليه ، وأصله في حاشية الشريف السمهودي .

                                                                                                                              ( قوله : مساويا للأول ) وبالأولى ما إذا كان [ ص: 212 ] أقرب بخلاف الأبعد كما قال في الروض فإن فاته الحج لطوله أو صعوبته تحلل بأفعال العمرة ولا قضاء عليه قال في شرحه ؛ لأنه بذل ما في وسعه كمن أحصر مطلقا . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ونذر معين في عام الحصر ) أو نذر غير معين .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ولا قضاء على المحصر المتطوع ) واستثنى ابن الرفعة من إطلاقه ما لو أفسد النسك ثم أحصر ورد بأن القضاء هنا للإفساد لا للإحصار نهاية ومغني ( قوله : بحصر خاص إلخ ) ولا فرق بين أن يأتي بنسك سوى الإحرام أم لم يأت مغني ونهاية ( قوله : وإن اقترن به فوات الحج ) نعم إن صابر إحرامه غير متوقع زوال الإحصار ففاته الوقوف فعليه القضاء بخلاف ما إذا صابر مع التوقع مغني ويأتي في الشرح ما يفيده ( قوله : إذ لم يرد الأمر به ) أي في القرآن ولا في الخبر ولقول ابن عمر وابن عباس لا قضاء على المحصر نهاية ( قوله : ولم يعتمر منهم معه في عمرة القضية إلخ ) ولم ينقل أنه أمر من تخلف بالقضاء نهاية ومغني ( قوله : من غير رجاء أمن ) أي بخلاف ما إذا أخر مع رجاء الأمن حتى فاته الحج تحلل بعمل عمرة ولم يقض نهاية ( قوله : مساويا إلخ ) وبالأولى إذا كان أقرب بخلاف الأبعد سم .

                                                                                                                              ( قوله : للفوات ) أي الغير الناشئ عن الحصر ع ش ( قوله : أو خاصا كما أطلقوه ) قال الشارح في حاشية الإيضاح في الكلام على شروط وجوب الحج والمعتمد أنه حيث حصل الأمن للواحد من غير [ ص: 212 ] رفقة لم يشترط وجودهم ولا نظر للوحشة ؛ لأن الحج لا بدل له ، وإنما يمنع الخوف على شيء مما ذكره الوجوب إن كان عاما فلو حج أول ما تمكن ، وأحصر مع القوم ثم تحلل ومات قبل تمكنه لم يستقر في ذمته لعموم الخوف هنا ، وأما لو اختص الخوف أو المنع بشخص فإنه لا يمنع الوجوب فتقضى من تركته على ما صوبه البلقيني وجزم به ابن الرفعة وكذا السبكي فقال من حبسه شيطان أو عدو وعجز دون غيره لزمه الحج فيقضي من تركته ويستنيب إن أيس ، وإنما يمنع الخوف الوجوب إن عم فمات قبل تمكن أحد من أهل بلده نص عليه ثم استنبط موضع آخر من ذلك ومما في الإحصار من أن الزوجة لا تحرم إلا بإذن الزوج أنها لو أخرت لمنعه قضى من تركتها ولا تعصي إلا إن تمكنت قبل النكاح وعبر الأذرعي بنظير ذلك وقال صرح به الشافعي والأصحاب ونقله في الخادم في موضع واعتمده وبحث في موضع آخر أنها لو لم تستطع إلا بعد النكاح اشترط في الوجوب رضا الزوج لكن اعترض غير واحد ما ذكر بقول المجموع عن الروياني لو حبس أهل بلد عن الحج أول ما وجب عليهم لم يستقر وجوبه عليهم أو واحد منهم فهل يستقر عليه قولان أصحهما لا . انتهى .

                                                                                                                              وبقولهم في محصر لم يستقر عليه الفرض تعتبر استطاعته بعد زوال الحصر وهو يشمل الحصر الخاص وغيره وقد يجاب من جانب أولئك بأن ما في المجموع مقالة ولا يلزم من سكوته عليها اعتمادها لما علمت من النص واتفاق الأصحاب على ما يصرح بخلافها . وكلامهم الآتي محمول على ما هنا ولمن اعتمد ما في المجموع أن يرد ذلك بأن غاية ما في الباب أن للشافعي فيها قولين ، وأن الروياني رجح أو نقل ترجيح أحدهما فهو المعتمد لظهور مدركه وعليه فلا استقرار على الزوجة إذا منعها زوجها . انتهى . وأصله في حاشية الشريف السمهودي ا هـ سم ، وأقر المغني ما استنبطه السبكي عبارته قال السبكي ويؤخذ من أن الزوجة إنما تحرم بإذن زوجها أي استحبابا كما مر ، وأن الحصر الخاص لا يمنع وجوب الحج أن إذنه ليس شرطا للوجوب عليها بل الحج وجب ، وإذا أحرمت فمنعها الزوج وماتت قضى من تركتها مع كونها لا تعصي لكونه منعها إلا إذا تمكنت قبل النكاح فتعصي إذا ماتت . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كحجة الإسلام بعد أولى إلخ ) إلى قوله نعم في المغني إلا قوله قدر إلى قضاء وقوله : ونذر إلى المتن ، وإلى قول المتن ومن فاته في النهاية إلا ما ذكر وقوله : بحيث إلى إذا غلب ( قوله : وكنذر إلخ ) أي غير معين ( قوله : ونذر معين إلخ ) فيه وقفة إذ الظاهر أنه كحجة الإسلام في أولى سني الإمكان كما يفيده قول ع ش قوله : م ر كالنذر أي حيث استقر في ذمته بأن نذره في سنة معينة وفوته فيها مع الإمكان أو أطلق ومضى ما يمكنه فيه النسك ، وإلا فلا شيء عليه . ا هـ . لكن في الونائي مثل ما قاله الشارح وكذا في الأسنى مثله عبارته مع المتن فإن أحصر في قضاء أو نذر معين في العام الذي أحصر فيه فهو باق في ذمته وكذا حجة الإسلام أو حجة نذر قد استقرت كل منهما عليه بأن اجتمع فيها شروط الاستطاعة قبل العام الذي أحصر فيه ، وإلا بأن أحصر في تطوع أو في حجة إسلام أو نذر ولم يستقر فلا شيء عليه في التطوع أصلا ولا في حجة الإسلام أو النذر حتى يستطيع بعد . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ونذر معين في عام الحصر ) أو غير معين قاله سم وفيه تأمل لكن بحث الأذرعي إلخ جزم به النهاية تاركا لقيد بعيد الدار ( قوله : إذا غلب على ظنه إلخ ) قياس ما مر في الزوجة من أنه لو قال لها طبيبان عدلان إلخ اعتبار مثله هنا وينبغي أن مثل ذلك ما لو عرف من نفسه لكونه طبيبا وتعبيره بغلب على ظنه شامل لذلك بل ولما لو أخبره به طبيب واحد ع ش .




                                                                                                                              الخدمات العلمية